مع الإعلان عن رحيل يوسف ندا القيادى الإخوانى التسعينى إعتقد البعض أنها نهاية التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الارهابية خاصًة إنه رحل بعد فترة قصيرة من رحيل إبراهيم منير مسئول مكتب لندن والقائم بأعمال المرشد فى وقت سابق، فيما ذهب آخرون إلى أنها نهاية الامبراطورية الاقتصادية للجماعة على إعتبار أن ندا هو مؤسس بنك التقوى المسئول عن إدارة الأموال أو بالأدق غسل الأموال المتدفقة من أنشطة مشبوهة تتصل بتمويل الإرهاب الدولى وتجارة السلاح بل والدعارة، علمًا بأن يوسف ندا شخصيًا ثبتت إدانته فى تفجيرات 11 سبتمبر ومعه أحد مساعديه المقربين منه، ووقتها تمت مصادرة أمواله ثم عادت إليه لأسباب تتعلق بعلاقاته ببعض اجهزة الاستخبارات خاصصة الامريكية والبريطانية والايرانية واستخدامها لنفوذه فى دول مثل السودان والصومال وإيران وتركيا، وكلها دول لا يخفى على أحد أهميتها لدى مخابرات الصهيونية العالمية.
ومع رحيل ندا برزت تساؤلات حول من سيدير هذه الكيانات الضخمة خلفاً له، والحقيقة أن تلك الشبكة العنكبوتية المسماة بالتنظيم الدولى وانشطته الاقتصادية لم يؤسسها "ندا" ولكنها تأسست فى نفس الدول الاوروبية المعروفة ببنوكها التى تحتضن وتخفى الارصدة المحاطة بعلامات استفهام وشبهات، حيث تأسس هذا التنظيم فى "ميونيخ" على يد سعيد رمضان مدير مكتب حسن البنا وزوج إبنته ووالد طارق رمضان القيادى الاخوانى المتهم حاليًا فى قضايا تحرش والذى يمتلك العديد من المراكز التابعة لهذا التنظيم فى العديد من العواصم الاوربية.
ومن مفارقات القدر أن يوسف ندا كان احد المتروطين فى قضية محاولة اغتيال الزعيم جمال عبدالناصر فى ميدان المنشية عام 1954، وقبلها بشهور كان سعيد رمضان يلتقى بالرئيس الامريكى " آيزينهاور" فى البيت الابيض بواشنطن، وعقب حادثة المنشية هربت قيادات إخوانية كثيرة من مصر، إلى دول اوروبية أبرزها بريطانيا والمانيا وسويسرا، حين خرج ندا من السجن عام 1956 إختار الاخيرة مركزا لاقامته وأنشته الاقتصادية.
بالتزامن مع ذلك أسس سعيد رمضان المركز الاسلامى فى مدينة ميونيخ الالمانية بعد هجرته إليها عام 1960، وتخرج من هذا المركز قيادات اخوانية بحجم الرئيس التركى رجب طيب ارودوغان والقيادى الاخوانى ابراهيم الزيات أحد مساعدى يوسف ندا والقائمين على إدارة الجناح المالى للجماعة خلال فترة شيخوخته وبعد رحيله، والزيات أيضاً صهر للرئيس التركى السابق نجم الدين اربيكان.
ولأن جماعة الإخوان تجيد التحرك فى كل الاتجاهات فى وقت واحد وخلال فترة الستينات أيضًا وتحديدًا فى عام 1961 تأسست جماعة الطلبة المسلمين فى بريطانيا، وبعدها بسنوات تأسس بيت الرفاة الاجتماعى الاسمى فى عاصمة الضباب أيضًا، أما فى الولايات المتحدة الامريكية فتأسست الجمعية الاسلامية الامريكية التى تعمل فى مجال الدعوة والتعليم والاعلام وتدريب الشباب، وانتقلت نفس الأفكار إلى أمريكا الشمالية وكندا وكذلك امريكا اللاتينية، وتوغلت فى أكثر دول أوروبا تحررًا وتقدمًا حيث وصلت إلى سويسرا والدانمارك وبلجيكا والنمسا وهولندا والنرويج.
وعن علاقة هذه المراكز الدينية والاجتماعية والتعليمية بالنشاط الاقتصادى والتمويلى للتنظيم الدولى، يكشف الخبراء فى شئون الجماعات الارهابية أنها مجرد غطاء أو ساتر لتلقى التمويلات والتبرعات وإنشاء المدارس الاسلامية خاصًة فى الدول التى تحظر ارتداء الحجاب مثل فرنسا، وأيضًا مجازر الذبح على الطريقة الحلال، التى تحتكر تجارة اللحوم والدواجن فى دول أمريكا اللاتينية، وتطور الأمر إلى إنشاء المراكز الاعلامية ومراكز تكنولوجيا المعلومات التى تدير القنوات الفضائية والمواقع الاليكترونية والشبكات المعلوماتية، وداخل هذه الكيانات يتم ضخ ميلرات تمويل الارهاب القادمة من أنشطة الاتجار بالبشر فى افريقيا و تجارة الرقيق الابيض فى تركيا وغسل الاموال فى سويسرا وغيرها، لخدمة أهداف الجماعة الترويجية والتى تعتمد على الدعاية السلبية للدول العربية وانظمتها الحاكمة خاصًة النظام المصرى – نظام ثورة 30 يونيو- ومن ثم ليس مستغربًا أن يمتلك يوسف ندا شركات فى دول افريقية تعج بالاضطرابات والارهاب، وانشطتها الارهابية ليست بعيدة عن استهداف مصر ومصالحها- ولذلك فمن المنطقى أن يكون ليوسف ندا شريك ومساعد من المقربين إليه صومالى الجنسية مكتوب بإسمه غالبية الشركات التى تستثمر أموال الاخوان فى افريقيا والشرق الأوسط يدعى إدريس نصر الدين.
- حقيقة تورطه فى تفجيرات 11 سبتمبر ولماذا عادت إليه أمواله بعد الكشف عن الاستراتيجية العامة للتنظيم
- تفاصيل أكبر مغسلة لأموال تجارة السلاح والعملة تتجاوز قيمتها 970 مليار دولار
- إيرادات الذبح تتجاوز 200 مليون دولار سنوياً وشركات الحج والعمرة غطاء لأموال المضاربات والمراهنات
لمعرفة من يدير الشبكة المالية للتنظيم بعد رحيل يوسف ندا، كان من الضرورى أن يتحدث الخبراء عن رحلة ندا لتأسيس بنك القتوى فى جزر الباهاما بسويسرا، والذى عرف بأنه أكبر مغسلة للأموال المشبوهة، حيث لا يتوقف تمويل الجماعة عند حد الاشتراكات السنوية والتبرعات ولكن معروف عن قياداتها التورط فى تجارة العملة والسلاح وكذلك سوق الاوراق المالية والبورصات، ومن ثم استطاع بنك التقوى أن يتأسس برأس مال وصل إلى 970 مليار دولار وهو رقم اسطورى فى التسعينات واوائل الالفية الثانية، وظل البيزنس يتضخم حتى تم القاء القبض عليه واقتحام منزاه فى أعقاب أحداث 11 سبتمبر عام 2001، وصدر قرار الحجز على تلك الثرورة الضخمة ولكن الأهم من الرقم هو العثور فى منزله على ما سمى بالاستراتيجية العامة للتنظيم الدولى للإخوان، وهى بمثابة رؤية لتحركات الجماعة وفروعها حول العالم، وبالرغم من أنه أسس إلى جانب بنك التقوى شركات قابضة وشركات لتجارة الأوراق المالية ومصارف أخرى فى دول مثل سويسرا وبنما وليبريا وقبرص ونيجيريا والبرازيل والارجنتين، ولكن كان له دور أيضًا فكرى خفى حيث قيل أنه هو مؤلف كتاب زينب الغزالى الذى زعمت فيه تعرضها للتعذيب عن يد نظام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وألف كتب أخرى عن فكرة حكم عبدالناصر بهدف تشويه فكرة القومية والعروبة لصالح المشروع الاخوانى الطائفى، كما إتضحت ميوله الاقتصادية الكارهة لفكرة التصنيع والاستزراع من خلال تركيز جميع رجال الأعمال الإخوان حول العالم على نوعية معينة من الاقتصاد الاستهلاكى من تجارة العملة إلى البقالة والجزارة، ومن صفقات السلاح إلى المضاربات والمراهانات فى البورصات وصالات القمار وصولًا إلى الدعارة والاتجار بالبشر، ناهيك عن إداراته لشبكة العلاقات السياسية للجماعة فى الخارج، حيث وصلت علاقاته إلى التدخل فى مشكلات تتعلق بالإرهاب والتطرف فى دول مثل السودان والصومال وإيران، بوصفه مهندس توريد السلاح وراعى تدريب الكوادر الارهابية، وحتى الأنشطة المشروعة التى أدرتها الجماعة كانت مجرد ستار وغطاء للأموال المشبوهة، فعلى سبيل المثال امتلكوا شبكة مجازر الذبح الحلال فى أمريكا اللاتنية وإحتكروا منح تصاريح الذبح على الطريقة الاسلامية وهو نشاط يدر مالا يقل عن 200 مليون دولار سنوياً، بالإضافة إلى بيزنس الحج والعمرة فى امريكا وأوروبا واستخدامه كغطاء لتجارة وتهريب العملة.
وبالرغم من إدانته هو ومساعديه الصومالى إدريس نصر الدين و السورى غالب همت فى أحداث 11 سبتمير وصدور قرار بالحجز على أمواله فى نوفمبر من نفس العام، ولكن تمت إعادة نسبة من هذه الأموال إليه بموجب صفقة تتعلق بإستخدام الجماعة فى تخريب وتفتيت الدول العربية وإشعال الحروب والصراعات فيها، وهو ما عرف فيما بعد بأحداث الربيع العربى فى غالبية الدول، خاصًة وأن مساعديه كما أشرنا أحدهما صومالى والآخر سورى.
- حجم استثمارات التنظيم الدولى 400 مليار دولار سنويًا منها 50 مليار فى مصر
- تورط فى تمويل فوضى ما قبل الربيع العربى وصدر ضده حكم بالحبس ثم عفا عنه مرسى ليشارك خيرت الشاطر
- تحولوا من البقالة والموبيليا إلى تكنولوجيا المعلومات والمواقع والفضائيات
- شركاتهم تجسست على المصريين وحاليًا يستخدمون الذكاء الاصطناعى لتكرار سيناريو سوريا فى مصر
ولم تكن مصر ببعيدة عن مخططات الجماعة وتنظيمها الدولى، ومن ثم فطنت الأجهزة الأمنية لخطورة دور يوسف ندا وتمت إدانته فى قضية عرفت إعلامياً بقضية التنظيم الدولى للإخوان عام 2008، ولكن عفى عنه المعزول الجاسوس محمد مرسى بعد 20 يوم فقط من توليه مقاليد السلطة، ودخل خيرت الشاطر فى شراكات مع يوسف ندا يؤكد الخبراء أنه تم تأسيس 32 شركة فى مصر والعالم العربى بموجب هذه الشراكة، كتبت هذه الشركات بأسماء نجلى الشاطر وبناته واحفاده، وغالبية الشركات التى أقيمت فى مصر وضعت تحت التحفظ عقب ثورة 30 يونيو 2013 بموجب قرارات قضائية.
وبشكل عام يبلغ حجم استثمارات التنظيم الدولى للإخوان بحسب الخبراء المتخصصين فى هذا الشأن 400 مليار دولار سنوياً، منها 50 مليار كانت تستثمر فى مصر داخل شركات خيرت الشاطر وحسن مالك وعبدالرحمن سعودى وغيرهم إهتمت بسلاسل السوبر ماركت ومحلات الآثاث والمفروشات خاصًة التركية وصولًا إلى بيزنس البرمجيات والأليكترونات وتكنولوجيا المعلومات، حيث لا ينبغى أن ننسى قضية شركة سلسبيل لأجهزة الحاسب الآلى التى أسسها وأدارها الشاطر للتجسس على المصريين ووصلت لمخطط التجسس على الدولة، وحاليًا تضم الشبكة المالية للإخوان كبريات الصحف والمواقع الاخبارية العالمية خاصًة تلك التى تدار من بريطانيا وأمريكا، والعلاقات التاريخية لتلك الدولتين بالجماعة التى أسستها مخابرات الاحتلال البريطانى وسلمت إدراتها للمخابرات الأمريكية فيما بعد، وبالخبرات الإنجليزية والأمريكية يدير الإخوان قنوات فضائية ومواقع اليكترونية تبث أخبار وتقارير لتحقيق أهداف الجماعة ظاهريًا ومن خلفها أهداف اجهزة الاستخبارات لدى الدول التى تحتضنها وتوفر ملاذًا آمناً لقياداتها وبنوكًا وبورصات مربحة لأموالها، بل وتدخل قنوات ومواقع الإخوان خلال الفترة المقبلة عصر الذكاء الاصطناعى لفبركة فيديوهات قادرة على نشر الفوضى فى مصر والسعودية بعد نجاح المخطط فى سوريا وليبيا.
- أبرزهم غالب همت وإدريس نصر الدين وهانى البنا وعمر الألفى
- ينفذون أهداف الجماعة ومخططات الأجهزة الصهيونية التى أسستها من أجل تخريب الدول العربية واستمرار احتلالها
اختلف الخبراء والمحللون حول مصير تلك الثروات الضخمة التى تركها ندا وإلى من ستؤول بعد رحيله، خاصًة أن نسبة ليست بالقليلة من هذه الأموال والشركات كانت مملوكة له شخصيًا بأسماء آخرين، ومنها ما كان مملوك للجماعة نفسها بأسماء شخصيات غير معروفة وشباب ليسوا من القيادات البارزة إعلامياً، وبالرغم من تصريح المحامى ثروت الخرباوى بوصفه إخوانياً سابقًا وخبير متخصص فى الشان الإخوانى حاليًا وتأكيده على أن نجل يوسف ندا إستولى على الإرث الإخوانى الذى تركه والده، بموجب توكيلات كان قد حررها له الأب فى أواخر أيامه لإدارة أسهم الشركات، وكشف " الخرباوى" فى تصريحات تليفزيونية لإحدى القنوات الفضائية المصرية إن الصراع حاليًا على تقسيم هذه الأموال التى استولى " ندا" الإبن على نسبة كبيرة منها، وبالرغم من تداول تلك المعلومة ولكن خبراء آخرون إختلفوا مع رأى الخرباوى، حيث أكد ماهر فرغلى المتخصصص فى شئون الجماعات الارهابية خلال تصريحات تليفزيونية لقناة أخرى أن الرجل قبل رحيله وبسبب معاناته من أمراض الشيخوخة كان بالفعل قد أناب من يدير الشبكة خلفًا له ليبقى هو رمز أو بمثابة رئيس شرفى، بينما الإدارة الفعلية كانت فى يد شخصيات أخرى أبرزها غالب همت وإدريس نصر الدين وهانى البنا وعمر الألفى وأحمد كاظم الراوى وغيرهم، مشدداً على ان غالب همت هو الأقرب للقيادة حاليًا، فيما تتحرك الأموال ما بين سويسرا وألمانيا ولندن، وفرع لندن تحديدًا يتبع مباشرةً جماعة الإخوان فى مصر بوصفها القيادة الأم، ومن ثم كان يديره القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير.
وبسؤاله عن سر صمت دولة بحجم بريطانيا عن دخول وخروج أموال الإخوان إلى بنوكها وبورصاتها وهل هى بحاجة لهذه الأموال، أكد أن بريطانيا أسست الجماعة ومولتها لتحقيق أهداف استعمارية ومازالت بريطانيا وأمريكا تدعمان الجماعة لنفس الأسباب الاستعمارية.
وهى كلمات لا تبدو غريبة لمن يقرأ خريطة المنطقة ويقيم حجم ما قدمته التيارات والجماعات المتطرفة فى كل دول المنطقة لصالح أهداف الصهيونية العالمية.