
ذريعة إسرائيل الأساسية فى الهجوم على إيران هو منعها من امتلاك سلاح نووى، والحقيقة أن تلك الذريعة الواهية أكبر دليل على النفاق وازدواجية المعايير الذى تتسم بهما إسرائيل التى هى نفسها تمتلك برنامجًا نوويًا «سريًا» لا تعترف به علنًا.
فوسط حالة التعتيم والصمت العالمى على ضبابية البرنامج النووى الإسرائيلى، قليلة هى التقارير التى تكشف الستار عن ذلك البرنامج السرى. ومع اشتعال المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، جاء تقرير لصحيفة نيويورك تايمز ليفضح بعض المعلومات التى تصر إسرائيل على حجبها عن أعين العالم. فبحسب مركز مراقبة الأسلحة ومبادرة التهديد النووى، يُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تمتلك ما لا يقل عن 90 رأسًا نووية، ولديها ما يكفى من المواد الانشطارية لإنتاج مئات أخرى.
وقد قيّمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، أن 30 دولة لديها القدرة على تطوير أسلحة نووية، لكن تسع دول فقط معروفة بامتلاكها لتلك الأسلحة. وتحتل إسرائيل المرتبة قبل الأخيرة من حيث حجم الترسانة النووية بين هذه الدول التسع، متقدمة فقط على كوريا الشمالية، وفقًا لحملة نزع السلاح النووى الدولية، الحائزة على جائزة نوبل للسلام. ويقول الخبراء إن إسرائيل قادرة على إطلاق رؤوسها النووية من مقاتلات حربية، أو من غواصات، أو من منصات إطلاق صواريخ باليستية أرضية.
وتُعد إسرائيل واحدة من خمس دول ـ إلى جانب الهند وباكستان وكوريا الشمالية وجنوب السودان ـ لم توقع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التابعة للأمم المتحدة. وتُلزم هذه الاتفاقية، التى دخلت حيز التنفيذ فى عام 1970، الدول الموقعة عليها بشكل عام بتعزيز الاستخدامات السلمية للطاقة النووية ومنع انتشار الأسلحة النووية. وتعترف المعاهدة بخمس دول فقط كدول نووية رسمية هى الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، وهى الدول الخمس الدائمة العضوية فى مجلس الأمن الدولى.
تاريخيا، يعتقد الباحثون أن إسرائيل بدأت فى عام 1958 ببناء موقع لتطوير الأسلحة النووية بالقرب من بلدة ديمونة جنوبا. وبحلول عام 1967، طورت إسرائيل سرا القدرة على تصنيع متفجرات نووية، وفقًا لجمعية الحد من التسلح. وبحلول عام 1973، كانت الولايات المتحدة «مقتنعة بأن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية»، بحسب ما كشف عنه لاحقًا اتحاد العلماء الأمريكيين. ولا تُعد إسرائيل من بين الدول التى تُعتبر محمية بما يُعرف بـ»المظلة النووية» الأمريكية، وهى الحماية التى لا تهدف فقط ردع الخصوم بل أيضًا إلى ثنى هذه الدول عن تطوير أسلحة نووية خاصة بها.
ويرى الخبراء أن حقيقة أن إسرائيل ليست ضمن هذه المظلة تُعد بمثابة إقرار غير معلن بأن لدى إسرائيل ترسانة نووية خاصة بها، ولا تحتاج إلى الحماية أو الردع الأمريكى. وخلال الخمسين عاما الماضية، ظهرت تقارير قليلة تفيد بأن إسرائيل ربما أجرت اختبارات على أسلحتها النووية فى مواقع تحت الأرض، بما فى ذلك بصحراء النقب جنوب البلاد.