جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الادارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

الملفات التفاعلية   2025-09-16T12:02:36+03:00

الكاتب الصحفى صالح شلبى يكتب : وزارة المالية.. لماذا هذا القمع مع الصحفيين؟!"

في مشهد عبثي لا يليق بدولة تُفاخر بدستورها، وتدّعي حماية الحريات، تواصل وزارة المالية ارتكاب مخالفة صريحة وواضحة للدستور والقانون، عبر إصرارها المستمر والمريب على حرمان قطاع عريض من الصحفيين — أولئك المنتمين إلى الصحف الحزبية والمستقلة — من صرف "بدل التكنولوجيا"، رغم أنهم أعضاء كاملو العضوية بنقابة الصحفيين، لا يختلفون في شيء عن زملائهم في الصحف القومية، الذين تُصرف لهم المستحقات بشكل دوري ومنتظم.

 

ما يحدث ليس مجرد تجاهل عابر، بل هو قمع ناعم، وتصفية ممنهجة لحق من الحقوق، ومخالفة دستورية فجة، تفضح عقلية الكيل بمكيالين داخل مؤسسات الدولة، وعلى رأسها وزارة المالية، التي قررت أن تُصنّف الصحفيين إلى فئات: فئة تستحق الدعم والمساندة، وأخرى لا تستحق شيئًا سوى التجاهل والتهميش والتجويع.

 

أي منطق هذا الذي تُدار به الأمور؟ وأي مبرر لهذا الظلم الفادح؟ وهل يختلف صحفي الجريدة الحزبية أو المستقلة عن زميله في الصحف القومية في الانتماء للنقابة؟ أليست المادة 77 من الدستور واضحة لا لبس فيها، عندما نصّت على أن النقابات المهنية مستقلة وتكفل لأعضائها الحقوق والامتيازات؟ فلماذا إذن تصر وزارة المالية على انتهاك هذا النص الدستوري الواضح، وتخالفه بشكل سافر؟! وهل أصبح الدستور يُطبّق بالهوى والمزاج؟!

 

الأدهى والأكثر غرابة أن مجلس نقابة الصحفيين، الذي يُفترض أنه الحارس الأول لحقوق الصحفيين، يقف صامتًا، متقاعسًا، بل متواطئًا بصمته غير المبرر. لم نرَ بيانًا غاضبًا، ولا تصريحًا شجاعًا، ولا حتى اجتماعًا طارئًا يناقش هذه الأزمة الخطيرة، التي ألقت بآلاف الصحفيين في مستنقع الإحباط واليأس. ما قيمة النقابة إذا لم تدافع عن أبسط حقوق أعضائها؟! وما جدوى الحديث عن الكرامة المهنية، إذا كانت النقابة نفسها عاجزة عن انتزاع حق بسيط كالبدل؟!

 

هؤلاء الصحفيون — الذين تُنكرهم وزارة المالية — ليسوا متسولين، بل أصحاب حق أصيل، يستند إلى العضوية النقابية، ويعتمد عليه كثير منهم كمصدر دخل أساسي، خاصة أن الغالبية الساحقة من الصحف الحزبية توقفت عن الصدور منذ سنوات، فضلا عن الفصل التعسفى وقلة الموارد فى الصحف المستقلة مما جعل البدل هو الحبل الأخير الذي يتعلقون به وسط أمواج القهر الاقتصادي.

 

إن هذا الإجراء التعسفي من وزارة المالية لا يمكن تفسيره إلا بكونه تمييزًا مقصودًا، وسلوكًا عنصريًا يكرّس الفئوية والطبقية بين أبناء المهنة الواحدة. فكيف تتجرأ وزارة على تحويل أموال لجهات بعينها وتمنعها عن أخرى دون سند قانوني؟ من الذي خول لها هذا الحق؟ وأين مؤسسات الدولة الرقابية؟ أين البرلمان؟ أين رئيس الحكومة؟!

 

نحن أمام فضيحة حقيقية، يجب أن تُوضع أمام الرأي العام بكل وضوح. لم يعد مقبولًا هذا التواطؤ، ولم يعد ممكنًا استمرار هذه المهزلة. وزارة المالية تتعامل بعنجهية، وكأنها فوق الدستور، والنقابة تلتزم الصمت المخزي، وكأنها تُدير جمعية خيرية لا شأن لها بالحقوق والمكتسبات المهنية.

 

إننا نُحمّل وزارة المالية المسؤولية الكاملة عن هذا الإقصاء غير المبرر، ونطالبها بالتراجع الفوري عن هذا التمييز المهين، وصرف البدل لكل صحفي عضو في نقابة الصحفيين، دون انتقاء أو استثناء. كما نُحمّل مجلس النقابة مسؤولية الصمت المخزي، وندعوه للتحرك الفوري، وإلا فليفسح المجال لمن يستطيع الدفاع عن هذه المهنة المهددة بالتآكل.

 

كفى صمتًا، كفى تمييزًا، كفى ظلمًا.

الصحفيون ليسوا عبيدًا لدى وزارة المالية، ولا رعايا في دولة التفرقة والتصنيفات الطبقية.

فإما أن تُصرف الحقوق كاملة... أو فليكن لنا موقف لا ينساه أحد.


مقالات مشتركة