جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

سيد سعيد يكتب   2019-02-26T23:28:40+02:00

قتلة النائب العام إرهابيون وليسوا معارضين

سيد سعيد

هؤلاء يطالبون نظام الحكم بالتدخل فى شئون القضاء وإلغاء عقوبات صدرت عن محاكمات نزيهة وشفافة وفى نفس الوقت يتهمون القضاء بأنه «مسيس»

المنظمات المحلية الممولة والدولية المانحة وجدوا فى مناحة الإخوان ووصلات الندب وسيلة للكذب عبر القول بأن من تم إعدامهم معارضين ومعتقلين

القصاص العادل أحد أهم عوامل حماية المجتمعات من الإرهاب والفوضى وقانون الغابة الممارسات المعهودة عن تلك التنظيمات الإرهابية وإعلامهم والمنظمات التى اخترقوها هى إحداث البلبلة والتشكيك

اتخذت الجماعة المارقة كل الوسائل قبل تنفيذ الإعدام بأيام قليلة لإطلاق الشائعات والتشكيك فى سلامة إجراءات المحاكمات  ومنها القرصنة على صفحة ابنة النائب العام

 

فى أعقاب تنفيذ الإعدام بحق قتلة النائب العام المستشار هشام بركات، قامت الدنيا ولم تقعد فى عدد من وسائل الإعلام الموجهة، والمنظمات الحقوقية ممن تحمل صفة الدولية، التى تبنى مواقفها، وتصدر بياناتها استنادا لتقارير مرسلة من منظمات محلية ممولة وشكاوى من التكتلات الإخوانية فى تركيا وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، جميعها وليس بعضها، لا تتسق مواقفها مع الحقيقة والواقع، فضلاً عن اندفاع تلك المنظمات، بلا منطق يدعمه دليل، صوب توجيه الإدانات إلى أنظمة الحكم، للإيحاء بأنها أنظمة قمعية، تقتل معارضيها خارج القانون ومن دون محاكمات قضائية، أيضًا لتكريس فكرة فى أذهان المتابعين، مفادها أن الحكومات هى التى تقوم بإعدام المعارضين لسياساتها، أما الهدف الحقيقى فهو الترويج الإعلامى لتشويه صورة النظام أمام المجتمع الدولى، وما يتبع ذلك من استخدام هذه الأكاذيب كأوراق ضغط لابتزاز الدولة.

لذا لم يكن جديدا بالمرة أن نرى تلك الحملة المسعورة التى انتشرت فى الأيام القليلة الماضية وجرى تداولها بصورة لافتة للنظر على بعض المواقع الاخبارية  والصحف مثل «العربى الجديد» و«عربى 21» وفضائيات «الجزيرة» و«الشرق» و«مكملين»، وغيرها التى تتبنى اتجاه أحادى  واضح لا التباس فيه، فيما يخص قضية الإرهاب والجماعة المارقة.

ما جرى تداوله جاء مصاحبا لوصلات الندب والعويل على مواقع التواصل الاجتماعى فيسبوك وتويتر، جميعها يتضمن عبارات لا تخل من خبث فى التناول الكاذب، معتبرين أن الأحكام القضائية بشأن الجرائم الإرهابية، هى أحكام سياسية، وهذا النوع من الأكاذيب لا يأتى عشوائيًا، لكنه منظم وترعاه كتائب وتنظيمات وآلة إعلامية واسعة الانتشار والرواج، للتأكيد على ما يتم بثه هو الحقيقة بعينها.

المثير أن المنظمات المحلية الممولة والدولية المانحة، وجدوا فى مناحة الإخوان ووصلات الندب على الإرهابيين الـ9 الذين تم إعدامهم، وسيلة للظهور على المسرح الإعلامى، للكذب عبر القول بأن من تم إعدامهم، معارضين تارة، ومعتقلين تارة أخرى، وراحوا يطالبون عبر صفحاتهم الشخصية وتصريحاتهم الإعلامية، وتغريداتهم على تويتر، بإلغاء عقوبة الإعدام لأنها ضد الإنسانية وغير ذلك من الأقاويل لتحريض المنظمات المانحة للتدخل لدى نظام الحكم، للكف عن التعذيب وانتزاع الاعترافات، والمدهش أن المنظمات المانحة التى تحمل صفة الدولية، تتعامل مع المخاطبات المغرضة على أنها حقيقة، من دون التحقق أو السعى لمعرفة الحقيقة على أرض الواقع.

فى سياق القضية ذاتها اتخذت الجماعة المارقة كل الوسائل قبل تنفيذ الإعدام بأيام قليلة، وبالطبع لم يكن من بينها وسيلة مشروعة كعادتهم، لإطلاق الشائعات والتشكيك فى سلامة إجراءات المحاكمات، حيث تمت القرصنة على الصفحة الشخصية لابنة النائب العام السابق المستشار هشام بركات الذى جرى اغتياله ومحاكمة مرتكبى الجريمة الإرهابية، وأثناء عملية الاختراق الحقيرة، تم نشر بوست منسوب لها جاء فيه: «شهادة أمام الله، عرفت أن هناك شبابا فى قضية اغتيال بابا هيتعدموا قريبًا، أنا هقول اللى جوايا وأمرى لله، لأن دى أرواح ناس زى روح بابا، الولاد دول مش هما اللى قتلوا بابا وهيموتوا ظلم، الحقوهم واقبضوا على القتلة الحقيقيين.. مروة هشام بركات» ابنة الشهيد هشام بركات».

هذه الممارسات المعهودة عن تلك التنظيمات الإرهابية وإعلامهم والمنظمات التى اخترقوها، هى إحداث البلبلة والتشكيك، واللافت للنظر فى السطو على صفحة ابنة النائب العام وهى مستشارة بالنيابة الإدارية، أن الغباء بلغ حدا كبيرا لدى الإرهابيين، ولم تعد لديهم قدرة على التفرقة بين المعقول واللامعقول، فقد فاتهم أن ابنة النائب العام السابق، لا يمكن لها ولا لموقعها القضائى، أن تتصرف مثل هذه التصرفات، وتكتب تلك العبارات التى تحمل تبرئة للإرهابيين، لكن العملية التى ظنوا أنها متقنة، جرى كشفها بعد ساعات قليلة والتوصل لمعرفة مقر القرصان الإلكترونى الذى نفذ الجريمة، وعلى أثر ذلك خرجت ابنة النائب العام وشقيقها لفضح ما جرى وتكذيب البوست المفبرك.

أما الذى حدث بالتزامن مع فضيحة القرصنة الإلكترونية، أى قبل إعدام القتلة، فدشنت لجان الجماعة وأعوانها فى عدد من البلدان حملة لإيقاف تنفيذ الحكم القضائى على نفس الوتيرة، سارت منظمة العفو الدولية «امنستى»، التى قالت على حسابها الرسمى بموقع تويتر قبل تنفيذ الحكم بيوم واحد: «علمت منظمة العفو الدولية، أنه من المتوقع تنفيذ عقوبة الإعدام غدًا بحق 9 أشخاص، وأن عقوبة الإعدام قاسية ولا إنسانية»، وقالت المنظمة فى بيان لها، إن هؤلاء المعارضين التسعة تعرضوا لمحاكمة جائرة تفتقد أبسط مقومات العدالة ويجب على السلطات المصرية أن توقف فورًا إعدام تسعة سجناء.

لا أعرف بالضبط من أين عرفت تلك المنظمة أن المحاكمات جائرة وتفتقد أبسط مقومات العدالة، وهنا لا أريد التوقف أمام «الهطل» المصاحب لحالة العجرفة فى استخدام المفردات، بل سيكون حديثى عن الشق الأول الخاص بالجائرة وافتقاد أبسط حقوق العدالة، وأتساءل.. هل هى جائرة لأنها تمت وفق تحقيقات أتيح لمحاميهم الحضور معهم أثناء مثولهم أمام جهات التحقيق، والحضور معهم فى المحاكم والترافع وإعداد المذكرات وما شابه ذلك؟ وعن أى عدالة يتحدثون ألم تصل المحاكمات لأعلى مستوى قضائى فى البلاد؟ أظن أنهم يريدون إطالة المحاكمات لعقود متصورين أنهم سيدخلون فى صفقات مع الدولة، من دون اعتبار لحق شهداء الوطن من المدنيين والمؤسسات الضامنة للاستقرار.

إذا توقفنا قليلا أمام تلك المحاولات سنجد أنها تسير فى تناغم مع وتيرة إطلاق الشائعات التى يجرى تداولها، سواء الإعلامية أو التى تقوم بها المنظمات قبل تنفيذحكم الإعدام، باعتبار أن تلك الأفعال «الكلام المنسوب زورِا لابنة النائب العام والبيانات الصادرة عن المنظمات الدولية المانحة لمنظمات التشويه»، ستحدث اضطرابا داخل الدولة ومؤسساتها، ناهيك عن المناشدات لنظام الحكم فى مصر لإصدار قرار من شأنه عدم التنفيذ، وبالتالى تكون تلك هى البداية التى يتبعها فى تقديرهم أو وفق خيالهم المريض، إلغاء العقوبات الصادرة بشأن قيادات وشباب الجماعة المارقة عن الصف الوطنى فى كل الجرائم التى ارتكبوها.

هنا علينا التأكيد على حزمة من الحقائق، يجب عدم المرور عليها مرور الكرام، منها أن هؤلاء يطالبون نظام الحكم بالتدخل فى شئون القضاء وإلغاء عقوبات صدرت عن محاكمات نزيهة وشفافة، لا يستطيع كائن من كان أن يشكك فيها، خاصة إذا علم الكافة أن الإرهابيين الـ9 اعترفوا اعترافات كاملة بكيفية ارتكاب الجريمة الإرهابية، من الذى كلف، ومن الذى خطط، ومن الذى راقب المنزل والتحركات وخط السير، ومن الذى أرشد عن المنزل وموعد النزول، الأمر الثانى الذى لا يمكن إغفاله بحال من الأحوال، وهو العزف على ربابة الأحكام السياسية، هم يعرفون قبل غيرهم أن تنفيذ العقوبة، كان الحلقة الأخيرة من سلسلة إجراءات تمت فى إطار قانونى، بداية من التحقيق القضائى بمعرفة النيابة العامة وهى جهة أمينة على مصالح المجتمع، مرورًا بالمحكمة التى أصدرت الحكم الأول، وليس انتهاء بمحكمة النقض، والتساؤل المشروع فى هذه الحالة أين الأحكام السياسية؟

جانب آخر أرى أنه مهم، بل لا يقل أهمية عن كل ما أورده فى المقال، الإعلام المشبوه لديه إصرار على وصف الإرهابيين المحبوسين على ذمة التحقيق فى العديد من القضايا، أو المحبوسين على ذمة أحكام قضائية صادرة بشأنهم، بأنهم معتقلين، هؤلاء يولولون ليل نهار بهذه النغمة النشاز، التى ترقص عليها المنظمات الأجنبية، ومنها العفو الدولى التى اعتادت أن تصدر بيانات عشوائية وموجهة ويقينا مأجورة، وهى بيانات سياسية بالأساس، ولا تمت للقانون الدولى أو القانون الإنسانى.

هذه المنظمة التى تورطت فى تمويل دكاكين إعداد التقارير المفبركة عن الأوضاع فى مصر، جاء بيانها المضلل يحمل عبارات براقة فى ظاهرها، أما جوهرها فهو هادم لمفهوم دولة القانون، واستقلال القضاء، فالبيان العنترى الذى يرضى غرور أعداء الدولة المصرية به صياغة لا تحمل قدرا ولو ضئيلا من الكياسة، عبر استخدام لفظ «فورا»، ويهدف من ورائه  أن  تقوم السلطات المصرية بدهس القانون وتعطيل أحكام القضاء، بعدم تنفيذ الحكم بإعدام الإرهابيين التسعة، لكن ما يثير الغثيان أكثر، هو وصف الإرهابيين بأنهم معارضون، وهو تعبير يطلقه كوادر الجماعة الإرهابية  وقياداتهم فى الخارج، وصار جزءا من أدبياتهم فى التعبير عن جرائمهم، فالإرهاب لديهم معارضة، يطالبون النظام الحاكم بالتدخل لإلغاء أحكام القضاء، وفى نفس الوقت يصفون القضاء بأنه غير مستقل بالضبط «شيزوفرينيا»، يقولون الشىء ويفعلون نقيضه، يعلنون رغبتهم فى استقلال القضاء، ويطالبون بالتدخل فى أحكامه، هذا يحدث إذا تعلق الأمر بهم، ويباركونه إذا تعلق بغيرهم.

القراءة الدقيقة لتداعيات إعدام الإرهابيين التسعة، تذهب بنا إلى ضرورة الرد بقسوة على المنظمات التى تحمل صفة الدولية، حتى لا تتجرأ بمزاعم واهية على التدخل فى الشأن الداخلى، أو عدم تنفيذ القانون والطعن فى المؤسسات الراسخة والصلبة، فالحبس والإعدام والسجن لهؤلاء يتم وفق إجراءات قانونية معلومة للكافة وأولهم جماعة الإخوان الإرهابية، والإعدام عقوبة ليست طارئة أو مستحدثة فى القانون المصرى  فهى عقوبات تضمن السلام الاجتماعى قبل أى شيء آخر، كى لا تتحول المجتماعات إلى غابة، يفلت فيها القاتل من جريمته، والقانون المصرى يلزم النيابة العامة وفق ما أعلمه من خبراء القانون، بالطعن على الأحكام إن لم يكن بقدرة المحكوم عليه القيام بالطعن لأى سبب،  كما أنها عقوبة مقررة فى الشرائع السماوية، ودائمًا يرفعون هذه اللافتة فى وجوهنا، ألم يكن هؤلاء من دعاة تطبيق الشريعة الإسلامية، أم يريدون تطبيقها على سطر وإغفالها فى سطر آخر؟

إذا كان القصاص العادل أحد أهم عوامل حماية المجتمعات من الفوضى وقانون الغابة، فهناك أسئلة، لابد وأن تجيب عنها الوسائل الإعلامية المشبوهة والمنظمات المشبوهة أيضًا، ما هو الحكم على القاتل؟ وما هى حقوق المجتمع لضمان استقراره، خاصة إذا علمنا أن القوانين تصدر مجردة عن الهوى؟ وما هو حق البرىء الذى قتلوه غدرًا بندالة وخسة؟

كل محاولات التشويه وإغفال الحقيقة، أو القرصنة الإلكترونية، قطعًا لن تفلح مهما كانت براعة المشككين ومهما كان انتشار وسائل الإعلام أو عدد صفحات التواصل الاجتماعى  التى تقوم بالتشكيك، فالمجتمع الذى عانى من إجرام المنتمين لتلك الجماعات من المغيبين وراغبى نكاح الحور العين، لن ينساق وراء الأضاليل، وإن شئنا الدقة يريد سرعة تنفيذ الأحكام، حتى يكون تنفيذها عبرة لكل الإرهابيين الذين استباحوا الوطن وأرواح خيرة شبابه، انسياقا وراء أوهام جرى حشوها فى الأدمغة الشائهة.

أما الحديث بمناسبة ومن دون مناسبة عن أن المحاكمات جائرة وتتم فى أجواء غير محايدة، فهى أحاديث جائرة ولا تمت للحقيقة والواقع بأى صلة، وهنا يجدر بنا أن ننوه على أمور باتت من المسلمات الراسخة، وهى أن المحاكمات تتم علنًا ويجرى تداولها على السوشيال ميديا، وتتاح فيها الفرصة كاملة لكل الإرهابيين المتورطين فى الجرائم التى تحدث على أرض مصر، للخروج من القفص والإدلاء بدلوهم إلى جانب الأعداد الغفيرة من المحامين للدفاع عنهم.


مقالات مشتركة