بالصور.. وصول السيسي إلى غينيا الاستوائية للمشاركة في اجتماع القمة التنسيقي للاتحاد الأفريقي       وكيل مجدي قفشة .. مديرا للتعاقدات بنادي الزمالك       مسؤولة أممية: 1.25 مليون فلسطيني يعانون جوعا كارثيا وسط صمت دولي مخز       رفض والدها زواجها من حبيبها.. فانتهت قصتها بقرص غلة في البدرشين       الوطنية للانتخابات تطلق تطبيقا خاصا عبر المحمول لمعلومات يحتاجها الناخب       السياحة و الآثار: لا صحة لما يتم تداوله عن نشوب حريق بمتحف ركن فاروق بحلوان       إستمرار فتح باب التقدم لمدارس التكنولوجيا التطبيقية والتعليم المزدوج ومراكز التميز       أسرار إجتماع وزيرة التضامن الاجتماعي مع الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر       بالأرقام الرسمية : صرف مليار و143 مليونًا و983 ألف جنيه رعاية صحية واجتماعية وتعويضات حوادث ومنح خلال عام       مؤسسة دولية تحدد التوقيت المناسب لخفض أسعار الفائدة في مصر       مجلس النواب يطالب بتعديل نظام التعيين في مصر  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الادارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

سيد سعيد يكتب   2022-02-24T23:49:49+02:00

الحكومة لا تستيقظ من الغيبوبة الا بعد خراب مالطا

سيد سعيد

لم أعثر فى قواميس اللغة على أي مفردات ، تصف بدقة ما وصل إليه حال الحكومة .. هل هى  فى غيبوبة ؟ .. أم أن البلادة "التبلد" صارت جزءاً من طباعها ولم تعد عابئة باى شئ ؟ .. فسواء كانت فى غيبوبة  أو متبلدة، ففى الحالتين ليس هناك سوى نتيجة واحدة، عنوانها الفشل ، الذ يعبر  بجلاء عن حقيقة عجزها  البين ، و فقدانها القدرة على التعاطى مع مسؤولياتها بالتصدى  للكوارث الهائلة ، التى تداهمنا على مدار الساعة، ولا تحرك ساكناً، وكأن ما يجرى من فوضى صارخة أمام سمعها و بصرها، لا يعنيها من قريب أو من بعيد ، أو  أن المشاهد و الوقائع الصارخة تحدث فى بلد آخر ، غير البلد الذى تعيش فيه ، وتتولى مسؤولية حمايته من العبث،  فهى فى جميع الأحوال لا تتحرك  إلا بعد خراب مالطة ، تظل تصم  اذانها شهور وسنوات ، لكى لا تسمع عمداّ صراخ ضحايا بيع  الوهم على ايدى فئة احترفت النصب العلنى بتراخيص حكومية أو بعلمها ورعايتها من دون ترخيص  .

قبل ايام قليلة وعلى استحياء، استيقظت الحكومة من غفوتها ، او بتعبير أكثر دقة ، فاقت مؤقتاً من غيبوبة طويلة ، بعد  واقعة القبض على الصيدلى أحمد أبو النصر  ، بتهمة انتحال صفة طبيب يعالج المرضى ، بالمناسبة هو يزعم قدرته على علاج جميع الامراض ، ولديه ادوية لكل الامراض ، وقيامه بالترويج عبر القنوات الفضائية لتركيبات عشبية، يزعم أنها ادوية خارقة ، تعالج عشرات الأمراض المزمنة والمستعصية بصورة مذهلة ،  ولأن الحكومة تعيش فى واد آخر  ، و تعيش معها السلطات الرقابية المتعددة فى مختلف الوزارات والهيئات ، مثل الرقابة على الدواء و الرقابة الاعلامية، التابعة للهيئة الوطنية للاعلام ، المنوط بها مراجعة سلامة ما تبثه وسائل الإعلام المختلفة من مواد اعلامية واعلانية  ، وهنا علينا ان نتوقف لمعرفة المذيد من تفاصيل تلك الجريمة ، التى تورطت فيها القنوات الكبيرة ذائعة الصيت ، وغيرها من المعروفة باسم قنوات بير السلم ، حيث يتم تخصيص برامج لعمل الدعاية للاطباء ، وليست للتوعية الصحية ، انما لجنى الأموال التى يتم دفعها على سبيل الدعاية والاعلان ، ورغم تعدد الوقائع التى يتم كشفها ، الا ان الوكنية للاعلام تعيش فى غيبوبة ،و كذا جهاز حماية المستهلك المنوط به التحرك السريع لمواجهة عمليات النصب والعلاج وبيع الادوية مجهولة المصدر فهو لا حس ولا خبر ، او يبدو ان سطوة حماة المراكز اكبر من ان يواجهها  ، كما لا يمكن اغفال دور وزارة الصحة فى تلك المهازل ،فهى  تمنح التراخيص بدون ضابط أو رابط، لذا  جرى ما جرى فى مصر  فى الاونة الاخيرة   .

احد باعة الوهم احمد ابو النصر ، يا سادة يا كرام ، لم يمارس نشاطه والترويج لبضاعته فى يوم وليلة ، انما هو ذائع الصيت ، حيث تفرد له ولغيره القنوات الفضائية مساحات زمنية كبيرة بمقابل معلوم ، لاستعراض مهاراتهم فى وصف العلاجات وبيعها كادوية للمرضى بمبالغ طائلة ، ابو النصر يفعل هذا من دون ان يقدم نفسه على حقيقتها ، حتى يعلم الناس تخصصه فتاهت المعلومات المرتبطة به لدى الحالمين بالشفاء السريع من الامراض المزمنة ، فتوافد عليه الآلاف من المواطنين ، للحصول من مراكزه المنتشرة على الدواء ،

وفى ظل حالة الفوضى وقع عشرات الآلاف فى الشرك المنصوب لهم باحترافية فائقة ، وعندما كثرت اعداد ضحايا الدواء المزعوم "الكوركمين" ، وتعددت البلاغات الرسمية بشانها ، بعدها تحركت الجهات المسؤولة، وكأنها لم تعرف من قبل ، فقط عرفت بقصة انتحال الصفة والدواء الوهمى ، لأن بعض الضحايا من المشاهير ، والمثير للدهشة أن  تلك الجهات راحت تتبارى  فى اصدار البيانات عن حجم الجريمة  ومخاطر  الادوية الوهمية والمغشوشة على صحة المواطنين ، وهنا تقفز الاسئلة من تلقاء نفسها ، لتضع الحكومة فى مرمى سهام الاتهامات المباشرة ، و التى نرى أنها اتهامات مشروعة ، هل كانت فى غيبوبة فعلاً ؟ ، أم أنها كانت تنتظر تكرار الكوارث ، وتصبح الفضائح على عينك يا تاجر ،  حتى تتحرك وتثبت انها موجودة ولديها أنياب .

ان القضية التى تشغل الرأي العام في مصر الآن ، تضاف الى مئات الوقائع الكارثية التى تحدث ، والتى لم تكن بعيدة عن عيون الحكومة والجهات المعنية بالرقابة ، وفى السياق ذاته ، لا يفوتنا   تذكير الحكومة  او تنشيط ذاكرتها ، ان كان بالفعل لديها ذاكرة ، و بالأخص وزارة الصحة و المجلس الاعلى للاعلام ، أننا كنا اول من كشفنا حقيقة تلك الظاهرة المخيفة ، واول من نبهنا وحذرنا مراراً و تكرارا من العبث بصحة المواطنين ، و فضحنا بالوثائق ، عمليات بيع الوهم لاستقطاب الضحايا عبر منتحلى الصفة،  باستغلال الاعلانات وتأجير المساحات الزمنية فى القنوات الفضائية ، ونشر الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعى ، لايهام الناس بالقدرة على العلاج فى مراكز بيع الوهم ، خاصة ما يتم الترويج له عن علاجات الغضروف ، واجراء عمليات اذالته من دون حراحة ، لكن لم يتحرك أحد ،  وعندما تحركت الجهات الادارية ، كان التحرك روتينى لتهدئة المتضررين وخشية اتساع نطاق الفضيحة  ، حيث يتم اغلاق المراكز بصورة مؤقتة ، ثم اعادة فتحها مرة اخرى ، كما فضحنا على مدار أسابيع متتالية  من خلال صحيفة صوت الملايين ، كل الاساليب التي يجرى استخدامها علناً لجنى الملايين من الضحايا ، على حساب صحتهم ، ورغم تعدد البلاغات من ضحايا كُثر ، الا ان الامور ما ذالت تسير فى طريقها بصورة عادية ، الاعلانات مستمرة ، واجراء العمليات الجراحية على ايدى غير المتخصصين ، تسير بوتيرة منتظمة  و كأن شيئاً لم يكن ، وفى بعض الأحيان، تتحرك الجهات الادارية لاتخاذ اجراءاتها بعد الضغوط الاعلامية عليها ، أو ان احد المتضررين من المشاهير ، مثلما حدث فى احد مراكز العلاج الطبيعى بمدينة نصر ، حينما تم كسر فقرات لفنانة ، ساعتها قامت الدنيا ولم تقعد ، بالضبط مثلما حدث من بلاغات ضد احمد ابو النصر ، حيث يتم تشميع المراكز الوهمية ، والتحفظ على ما بداخلها ، لكن سرعان ما تعود "رية لعادتها القديمة " اتدرون لماذا ؟ .. لأن هناك قاعدة تقول " من أمن العقاب ، اساء الأدب"، فلو ان هناك حكومة قوية قادرة على ردع المفسدين بالقانون ، ما استطاع أحد ان يتجرأ ، ويمارس النصب بهذه الصورة ، وتلك البجاحة .

جانب اخر يجب عدم اغفاله ، مرتبط بالحكومة ايضا ، ويتعلق بالرقابة على المواد الاعلامية والاعلانية ، لو كانت هناك رقابة حقيقية ، هل كان من الممكن ان تروج القنوات الفضائية لكل هذا العبث ؟


مقالات مشتركة