توقيع عقوبات مالية على لاعبى الاهلى بعد الخروج المبكر من المونديال       بالأرقام .. 585 مليون جنيه مكاسب للنادي الأهلى من مونديال الأندية       منافذ لبيع البيض والأسماك بأسعار مخفضة فى المحافظات       مهزلة .. إختفاء أدوية القلب السرطان وبعض المضادات الحيوية من الاسواق المصرية       حكومة مدبولى عاجزة عن جذب الاستثمارات الأجنبية ( الهاربة ) من مناطق الصراع بالشرق الأوسط       فضيحة .. الحكومة عاجزة عن استغلال الأصول المملوكة ل الوزارات والمحافظات والمؤسسات الحكومية وشركات قطاع الأعمال العام       اتهام الحكومة بتعذيب مرضى الكبد الراغبين في السفر للعمل بدول الخليج أو لأداء مناسك الحج والعمرة       الأربعاء .. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر المحرم وتحدد رأس السنة الهجرية لعام 1447       راحة سلبية لنجوم الأهلى بعد مونديال الأندية       الأهلي يودّع مونديال الأندية بعد تعادله مع بورتو       قرار عاجل من محكمة الاستئناف بخصوص قضية "ياسين" طفل البحيرة  
جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

تحقيقات وملفات   2025-06-06T08:23:06+03:00

المسكوت عنه فى ملف اللاجئين والمهاجرين فى مصر

احمد عثمان

لاعتبارات متباينة وذات أبعاد متعددة؛ منها السياسي، والأمني، والاقتصادي، والاجتماعي، والبيئي، تتزايد أعداد الأشخاص الذين يُجبرون على الفرار من أوطانهم. فوفقًا لتقرير الهجرة الدولية 2020 الصادر عن شعبة السكان بإدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة (DESA)، بلغ عدد الأشخاص الذين يعيشون خارج بلدانهم الأصلية 281 مليون شخص في عام 2020. وبين عامي 2000-2020، تضاعف عدد الذين فرّوا من النزاعات أو الأزمات أو الاضطهاد أو العنف أو انتهاكات حقوق الإنسان من 17 إلى 34 مليونًا.

وفي عام 2020، مثل اللاجئون 12% من جميع المهاجرين الدوليين، بعد أن كانت النسبة 9.5% في عام 2000؛ حيث استمرت عمليات النزوح القسري عبر الحدود الوطنية في الارتفاع بشكل أسرع من الهجرة الطوعية. وبين عامي 2000 و2020، تضاعف عدد الذين فرّوا من النزاعات أو الأزمات أو الاضطهاد أو العنف أو انتهاكات حقوق الإنسان من 17 إلى 34 مليونًا، موزعين على البلدان المضيفة كالآتي: 31% و30% و26% و3% و10% في آسيا وأوروبا والأميركتين والبلدان الجزرية وأفريقيا على التوالي.

 

وتُعتبر مصر واحدة من الدول التي لعبت دورًا مهمًا في قضية اللاجئين على مر العقود؛ حيث يعكس موقفها الإنساني والسياسي التزامها بمبادئ حقوق الإنسان وتقديم الدعم للمتضررين من النزاعات والحروب. تاريخيًا، أسهمت مصر في صياغة اتفاقية 1951 الخاصة باللاجئين، واتفاقية اللاجئين الخاصة بمنظمة الوحدة الأفريقية 1969. كما صادقت مصر على الاتفاقيات الخاصة بمناهضة الإبادة الجماعية، واتفاقيات جنيف الأربعة، واتفاقية مناهضة التمييز العنصري، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، واتفاقية مناهضة التعذيب، وأخيرًا البروتوكول الاختياري الأول والثاني لاتفاقيات جنيف الأربعة. كما تنص المادة 91 من الدستور المصري على أن “للدولة أن تمنح حق اللجوء السياسي لكل أجنبي اضطهد بسبب الدفاع عن مصالح الشعوب أو حقوق الإنسان أو السلام أو العدالة، وتسليم اللاجئين السياسيين محظور.

 

بسبب الزيادة السريعة والكبيرة في أعداد اللاجئين، قامت الحكومة المصرية بإصدار تشريع يُنظم تدفقات اللاجئين والمهاجرين إلى أراضيها، وفقًا لضوابط أُعلن عنها؛ أبرزها إنشاء لجنة دائمة لشئون اللاجئين تكون لها الشخصية الاعتبارية وتكون هي الجهة المعنية بشئون اللاجئين، كما يكون للطفل اللاجئ بموجب مشروع القانون الحق في التعليم الأساسي، والحق في الاعتراف بالشهادات الدراسية الممنوحة في الخارج للاجئين، ويكون للاجئ كذلك الحق في الحصول على رعاية صحية مناسبة وفقًا للقرارات الصادرة عن وزير الصحة، والاشتراك في عضوية الجمعيات الأهلية أو مجالس إدارتها. ويلتزم من يكتسب صفة اللاجئ باحترام الدستور والقوانين واللوائح المعمول بها في مصر وبمراعاة قيم المجتمع المصري واحترام تقاليده، وحظر القيام بأي نشاط من شأنه المساس بالأمن القومي أو النظام العام أو يتعارض مع أهداف ومبادئ الأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي أو جامعة الدول العربية.

 

كما نص القانون على إسقاط وصف اللاجئ ويتم إبعاد الشخص فورًا عن البلاد إذا كان قد اكتسب هذا الوصف بناءً على غش، أو احتيال، أو إغفال أي بيانات أو معلومات أساسية، أو إذا ثبت ارتكابه لأي من المحظورات المنصوص عليها في القانون.

 

كما أقر القانون حق اللاجئ في العمل سواء لحسابه الخاص أو من خلال تأسيس شركات أو الانضمام لشركات قائمة، دون فرض أي ضرائب أو أعباء مالية إضافية عليه، بالإضافة إلى ذلك، يمنح القانون اللاجئ الحق في التقدم للحصول على الجنسية المصرية وفقًا للإجراءات المحددة.

 

 

هذه الأرقام والإحصائيات كشفتها دراسة مهمة للغاية صدرت مؤخراً بعنوان  ( ملف الهجرة واللجوء في مصر بين تداعيات الحاضر ومسارات الحل ) والتى  أعدتها د. هالة فودة  ونستعرضها فى سياق هذا الملف .

 

 

 

 

 

خفايا التباين فى أعداد اللاجئين والمهاجرين على الأراضي المصرية

 

 

يوجد تباين واضح في أعداد اللاجئين والمهاجرين على الأراضي المصرية ويعود ذلك لسببين:

 

 أولًا: “الاختلاف بين المسميات” التي تطلق على قطاعات الوافدين المختلفة، التي تتنوع بين «لاجئ، ومهاجر وزائر ومقيم”. فوفقًا لاتفاقية 1951 بشأن اللاجئين، يُعَرَّف اللاجئ على أنه ”كل شخص يوجد خارج دولة جنسيته بسبب تخوف مبرر من التعرض للاضطهاد لأسباب ترجع إلى عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه لعضوية فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية، وأصبح بسبب ذلك التخوف يفتقر إلى القدرة على أن يستظل بحماية دولته أو لم تعد لديه الرغبة في ذلك. وتعرف الأمم المتحدة المهاجر على أنه”شخص أقام في دولة أجنبية لأكثر من سنة بغض النظر عن الأسباب سواء كانت طوعية أو كرهية، وبغض النظر عن الوسيلة المستخدمة للهجرة سواء كانت نظامية أو غير نظامية“.

 

وتعتبر مصر كل القادمين إليها من الدول الأخرى كمهاجرين بمثابة لاجئين، في وقت لا تعترف فيه مفوضية شئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة سوى بالمسجلين فيها، ومن هنا يأتي التباين بين الأرقام التي تصدرها الحكومة المصرية والمفوضية.

 

ثانيًا: هناك حالات كثيرة تُقدر بالآلاف، وفقًا لبعض التقديرات الفردية غير الرسمية، وصلت الى مصر عن طريق الحدود الجنوبية والغربية، بحيث يصعب على الحكومة المصرية في الوقت الراهن تتبعهم أو حصر أعدادهم. بجانب ذلك فقد تم رصد حالات لوافدين لا يفصحون عن السبب الحقيقي لقدومهم، ويحصلون على تأشيرات لزيارة أقارب ممن يقيمون بشكل شرعي، أو ربما يفدون لمصر باستعمال تأشيرة السياحة؛ الأمر الذي يصعب معه أيضًا رصد الدقيق لرقم اللاجئين.

 

 

 

 

بالأرقام .. مصر تستضيف 672  ألف لاجىء مسجل من 62 دولة

 

 

 

 

  • معظم اللاجئين يعيشون في المناطق الحضرية بالقاهرة ومحافظات الساحل الشمالي تحديدًا محافظتي مرسى مطروح والإسكندرية
  • العدد الحالي للمهاجرين الدوليين المقيمين في مصر هو 9,012,582 مهاجرًا، أي ما يعادل 8.7٪ من السكان المصريين

 

  • المهاجرون السودانيون وصل عددهم إلى أربعة ملايين والسوريون 1.5 مليون و اليمنيون والليبيون  مليون واحد

 

  • تقرير لمنظمة الهجرة العالمية حول أعداد المهاجرين في مصر يكشف أن متوسط عمر المهاجرين في مصر هو ​​35 سنة مع نسبة متوازنة من الذكور (50.4٪) والإناث (49.6٪)

 

  • 40% من المهاجرين المسجلين هم من الأطفال

 

  • متوسط مدة الإقامة هو 11.2 سنة وأكثر من 94% من المهاجرين واللاجئين تقل مدة إقامتهم عن 15 سنة
  • 5.7% يقيمون في مصر منذ 15 سنة أو أكثر

 

 

 

وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحددة لشئون اللاجئين (UNHCR) في يونيو 2024، تستضيف مصر 672,000 لاجئ وطالب لجوء مسجل من 62 دولة. يُشكل السودانيون الفئة الأكبر بينهم. ويعيش معظم اللاجئين في المناطق الحضرية بالقاهرة ومحافظات الساحل الشمالي تحديدًا محافظتي مرسى مطروح والإسكندرية. كما كشفت المنظمة الدولية للهجرة، أن العدد الحالي للمهاجرين الدوليين المقيمين في مصر هو 9,012,582 مهاجرًا، أي ما يعادل 8.7٪ من السكان المصريين. وقد لُوحظ زيادة في عدد المهاجرين منذ عام 2019، بسبب عدم الاستقرار الذي طال البلدان المجاورة لمصر؛ مما دفع الآلاف من مواطني السودان وجنوب السودان وسوريا وإثيوبيا والعراق واليمن للبحث عن ملاذ في مصر.

 

ويأتي المهاجرون في مصر من 133 دولة، بينهم المجموعات الكُبرى، وأهمها المهاجرون السودانيون، الذين وصل عددهم إلى أربعة ملايين، منهم 469,664 لاجئًا. والسوريون، وعددهم 1.5 مليون، مسجل منهم 157,673 لدى مفوضية اللاجئين. اليمنيون، وعددهم مليون واحد، مسجل منهم 8.649 لاجئًا، والليبيون، وعددهم مليون واحد. وتشكل هذه الجنسيات الأربع 80٪ من المهاجرين المقيمين حاليًا في البلاد، إضافة إلى الأعداد المُسجلة لدى مفوضية اللاجئين فقط، وتوزيعهم كالآتي 45,079 من جنوب السودان و38,938 من إريتريا و18,721 من إثيوبيا.

 

 

ويظهر تقرير لمنظمة الهجرة العالمية حول أعداد المهاجرين في مصر في يوليو 2022، أن متوسط عمر المهاجرين في مصر هو ​​35 سنة، مع نسبة متوازنة من الذكور (50.4٪) والإناث (49.6٪)، وأن 40% من المهاجرين المسجلين في مصر هم من الأطفال. وفيما يتعلق بمنطقة الإقامة فقد رصد التقرير أن 37.9% من المهاجرين يقيمون في المحافظات الحضرية، بينما 28% يقيمون في محافظات الوجه البحري. ويمثل المهاجرون الذين يعيشون في محافظات صعيد مصر 32% من إجمالي السكان، مع 1.4% فقط منهم يعيشون في محافظات الحدود.

 

وفيما يتعلق بمدة إقامة المهاجرين في مصر، تُشير البيانات إلى أن متوسط مدة الإقامة هو 11.2 سنة، وأكثر من 94% من المهاجرين واللاجئين تقل مدة إقامتهم عن 15 سنة. فقط 5.7% يقيمون في مصر منذ 15 سنة أو أكثر. كما أفاد التقرير بأن الأسباب الرئيسية للبقاء في مصر هي العمل والتعليم والتعليم العالي والتقدم بطلب الحصول على وضع لاجئ أو طلب اللجوء، والحصول على الخدمات الصحية والزواج.

 

زيادة تدفق اللاجئين إلى مصر .. ايجابيات وسلبيات !!

 

 

تفرض زيادة تدفقات اللاجئين نتيجة للاضطرابات الجيوسياسية تحديات وفرص متعددة الأوجه، لا سيما في سياق الإصلاحات الاقتصادية الجارية في البلاد ومساعيها نحو التنمية المستدامة. وقد اختلفت الآراء حول تأثير تدفق ملايين اللاجئين عل التركيبة الديموجرافية للشعب المصري خاصة في ظل ارتفاع نبرة الغضب الشعبي حول زيادة أعدادهم وتمركزهم في أحياء محددة أصبحت تُعرف بأسماء المحال التجارية الخاصة بهم.

 

وفقًا لدراسة صادرة عن معهد كارنجي حول ما إذا كان تدفق اللاجئين يمثل تحديًا أم إضافة خاصة في المجال الاقتصادي فقد خلصت إلى أن معظم اللاجئين خاصة (السودانيين والسوريين) الذين أتوا إلى مصر يمكن اعتبارهم من المنتمين للطبقة العليا والمتوسطة – العليا، وهم من أصحاب رءوس الأموال الذين أتوا بشكل شرعي معتمدين على مدخراتهم ونجحوا في إقامة استثمارات متعددة ومن ثَمّ العيش والاندماج. هذه الفئات لا تمثل بالتبعية عبئًا على الحكومة المصرية وعلى الموازنة العامة، بل هي تعد إضافة اقتصادية؛ حيث تقوم هذه الفئات بدفع مقابل الخدمات من صحة وتعليم وسكن بالدولار، وبالتالي فإنهم يمثلون مصدرًا للعملة الأجنبية. بجانب ذلك فان وجود هذه الفئات في مصر أسهم في تنشيط بعض القطاعات الاقتصادية كالعقارات والفندقة.

 

وأشارت دراسة أخرى صادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسة إلى التأثير الإيجابي للتحويلات المالية في التخفيف من حدة الفقر، وفي زيادة احتياطي العملات الأجنبية، وتحسين ميزان المدفوعات، وكذلك انتقال المعرفة والمهارات عند عودة المهاجرين إلى أوطانهم، سواء كان ذلك بصفة مؤقتة أو دائمة وعلى أساس افتراضي أو مادي. كما خفف تدفق اللاجئين إلى مصر من ظاهرة البطالة، وزادت من مستويات المشاريع المحلية عبر خلق فرص جديدة أمام القطاع الخاص.

 

ووفقًا لدراسة تابعة للمجلس الوطني المصري للتنافسية فإن لتدفق اللاجئين تأثيرًا مزدوجًا على سوق العمل. فبينما يسهم اللاجئون في القوى العاملة، ويقدمون مهارات وعمالة متنوعة، هناك تعارض للمصالح مع العمال المحليين، لا سيما في القطاعات ذات المهارات المنخفضة. هذه المنافسة، إذا لم تتم إدارتها بعناية، يمكن أن توتر العلاقات وتفاقم معدلات البطالة. بجانب ذلك تؤدي الزيادة في عدد السكان دائمًا إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات الأساسية، وفي حين أن هذا يمكن أن يحفز الأسواق المحلية والإنتاج، فإنه يزيد خطر الضغوط التضخمية، لا سيما في المجتمعات التي تستضيف أعدادًا كبيرة من اللاجئين كالحالة المصرية.

 

كما تواجه خدمات التعليم والرعاية الصحية والإسكان طلبًا متزايدًا من اللاجئين. وبدون الدعم والتوسع الكافيين، يمكن أن تتعرض هذه الخدمات لضغوط شديدة؛ مما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها بطريقة غير مدروسة.

 

 

 

نقص التمويل وارتفاع الضغط على موازنة الدولة

 

 يمثلُ نَقْصُ تمويل اللاجئين تحديًا بالنسبة لمصر يعيق قدرتها على تلبية احتياجاتهم، وفقًا للمراجعة الاستراتيجية الإقليمية لعام ٢٠٢٤ الصادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، يُقدّر أن تكون هناك حاجة إلى ٤.٩ مليارات دولار أمريكي لتغطية الاحتياجات ذات الأولوية للفئات السكانية والمؤسسات المتضررة من الأزمة السورية في الدول المضيفة (تركيا ولبنان والأردن ومصر والعراق)، إلا أن التمويل المخصص لمصر والدول المضيفة الأخرى انخفض بشكلٍ حادٍ، كما أن التمويل في الفترة بين ٢٠٢٠-٢٠٢٢ وصل إلى ٤٠% فقط من المبلغ المطلوب، هذا الانخفاضُ أدى إلى تقليص الدعم الإنساني والخدمات الأساسية التي يحصل عليها اللاجئون في مصر مع ارتفاع الضغط على موازنة الدولة في توفير أساسيات المعيشة. وذلك وفقًا لتقرير صادر من الأمم المتحدة في مارس 2024 بعنوان “أحدث خطة للاستجابة الإقليمية تحذر من تزايد احتياجات اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة مع انخفاض الموارد”.

 

البدائل ومسارات الحل للتعامل مع اللاجئين

 

 يوجدُ عدد من المسارات تتبعها الدول في التعامل مع اللاجئين، وتختلف حسب سياساتها وقوانينها الداخلية، أبرزها مسار إعادة التوطين، ومسار الاستيعاب والدمج، ومسار التضييق الأمني.

 

إعادة التوطين:

وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، إعادة التوطين هي عملية نقل اللاجئين من دولة اللجوء إلى بلدٍ آخر يوافق على السماح لهم بالدخول، ويمنحهم الإقامة الدائمة في نهاية المطاف. وبالتالي هي عملية تؤدي إلى حل دائم في بلد ثالث للاجئين غير القادرين على الاندماج محليًا أو العودة إلى وطنهم الأصلي ولديهم احتياجات حماية مستمرة في البلد الذي يعيشون فيه. ووفقًا لتقرير “احتياجات إعادة التوطين العالمية المتوقعة لعام 2025” الذي صدر عن هيئة الأمم المتحدة في يونيو 2024.. لا يزال اللاجئون السوريون هم الأشد حاجة إلى إعادة التوطين للعام التاسع على التوالي؛ حيث من المتوقع أن يحتاج ما يقرب من مليون لاجئ سوري إلى الدعم من خلال هذا البرنامج، يليهم اللاجئون من أفغانستان، جنوب السودان، الروهينجا والسودان. ووفقًا لمفوضية شئون اللاجئين اعتُبرت جمهورية مصر العربية نموذجًا رائدًا في مسار إعادة التوطين؛ نظرًا لموقعها الجغرافي المتميز فهي تعد مركزًا مهمًا للتدفقات المهاجرة المختلطة النازحة من القرن الأفريقي.

 

مسار الاستيعاب والدمج

يمكنُ الاستفادة من التجربة الألمانية في دمج اللاجئين داخل المجتمع؛ حيث كانت البداية بنقل اللاجئين إلى مخيمات الاستقبال ثم يتم تصنيفهم حسب الحالة الاجتماعية. بعد ذلك يتم الدمج عبر برامج التدريب المهني واللغوي، مع تسهيلِ وصولهم واندماجهم في سوق العمل الألماني، وبالتالي الإسهام في زيادة الناتج المحلي الإجمالي. وسيتيح هذا النهجُ استقرارًا اقتصاديًا واجتماعيًا للاجئين، ويخفف العبء على الحكومة في تقديم الخدمات بشكل دائم. وقد أصدرت الحكومة الاتحادية عام 2019 قانون دعم التأهيل المهني والتشغيل للأجانب، وساعد القانون على تحسين شروط تقديم دورات تعلم اللغة وغيرها من عروض وخدمات الاندماج.

 

مسار التضييق الأمني

كما حدث في إيطاليا حيث عززت حكومةُ جورجيا ميلوني إجراء مراقبة الحدود بالتعاون مع خفر السواحل الليبي والتونسي لمنعِ تدفق المهاجرين عبر البحر المتوسط.. تم تشديدُ قوانين اللجوء لتسريع الترحيل وتقليص منح الحماية الإنسانية، بالإضافة إلى تقييد عملياتِ الإنقاذ التي تقومُ بها المنظماتُ غير الحكومية في البحر.

 

وكنتيجة لما شهدته إيطاليا من أزماتٍ متزايدةً نتيجة تدفق اللاجئين إلى جزيرة لامبيدوزا، أعلنت الحكومة حالة الطوارئ في بعض المناطق وتسريع التعامل مع الوضع، مع التركيز على الأمن ومراقبة الحدود. وقد تحتاج مصر إلى تطبيق سياسات مراقبة حدودية صارمة على المعابرِ المستخدمة في عملية اللجوء مثل تلك التي تتبعها إيطاليا، لضمان عدمِ تجاوزِ الأعداد المقبولة من اللاجئين، وتجنب زيادة الضغط على البنية التحتية والخدمات العامة، يمكن أن يتمَّ استيعابُ اللاجئين بشكلٍ انتقائي بناءً على مهاراتهم أو قدرتهم على الإسهام في الاقتصاد الوطني.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مصر تحتل الترتيب 24 عالميًا وليس الثالث في استضافة أكبر أعداد اللاجئين

 

 

وفقًا لبيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الصادرة في 8 أكتوبر 2024، تحتل إيران المركز الأول في استضافة اللاجئين بوجود 3.8 ملايين لاجئ، وتركيا ثانيًا بـ3.1 ملايين لاجئ، وكولومبيا 2.8 مليون لاجئ في المركز الثالث، وألمانيا رابعًا بـ2.7 مليون لاجئ، وأوغندا خامسًا بـ1.7 مليون لاجئ، وهم أكبر الدول المستضيفة للاجئين في العالم، حتى منتصف عام 2024.

ووفقًا لبيانات المفوضية لعام 2023، الصادرة في يونيو 2024، تصدرت إيران استضافة أكبر تجمعات اللاجئين والأشخاص المحتاجين للحماية الدولية بنحو 3.8 ملايين، وتركيا 3.3 ملايين، وكولومبيا 2.9 مليون، وألمانيا 2.6 مليون، وباكستان 2 مليون.

وأوضحت بيانات الموقع الألماني “Statista” والمختص بالإحصاءات العالمية، الصادرة في يوليو 2024، أن مصر في المركز 24 عالميًا في استضافة أكبر تجمعات اللاجئين والأشخاص المحتاجين للحماية الدولية، وتصدرت أيضًا إيران، ثم تركيا وألمانيا وباكستان وأوغندا.

وبمزيد من البحث حول تصريح المدعي بأن ترتيب مصر هو الثالث، وجدنا تصريحًا للدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة، في 23 سبتمبر 2024، بأن مصر تحتل المرتبة الثالثة على مستوى العالم بين الدول الأكثر استقبالاً لطلبات لجوء جديدة في عام 2023.

 

 

وهو ما أكدته بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لعام 2023، حيث ارتفع عدد طلبات اللجوء الفردية الجديدة لـ3.6 ملايين، موضحة أنه تم تلقي أكثر من نصف طلبات اللجوء الفردية الجديدة على مستوى العالم في 5 دول فقط منهم الولايات المتحدة الأمريكية (1.2 مليون)، وألمانيا (329.100)، ومصر (183.100).

وخلال النصف الأول من عام 2024، قدم طالبو اللجوء في العالم 1.9 مليون طلب جديد، وكان المتلقون الرئيسيون للطلبات الفردية الجديدة هم الولايات المتحدة الأمريكية 729.100، ومصر في المركز الثاني بـ209.100، وألمانيا 121.400، وفقًا لبيانات المفوضية.

 

عدد اللاجئين في مصر وحجم الدعم

 

 

أوضح تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الصادر في 31 أكتوبر 2024، أن عدد اللاجئين وطالبي اللجوء في مصر بلغ 818 ألفًا و376 شخصًا فقط، إلا أن هذا العدد يشمل فقط من سجلوا بياناتهم لدى المفوضية وليس كل اللاجئـين الموجودين في مصر.

 

 

وبحسب التقرير، يشكل السودانيون العدد الأكبر من اللاجئـين وطالبي اللجوء بنحو 537 ألفًا و882 لاجئًا، و148ألفًا و938 لاجئًا من سوريا، و131 ألفًا و556 لاجئًا من جنسيات أخرى.

 

وكشفت السفارة المصرية بواشنطن في تقرير لها، يوم 6 مارس 2024، أن مصر بها 9.5 ملايين لاجئ ومهاجر، بينهم 4 ملايين من السودان، و1.5 مليون من سوريا؛ ومليون من ليبيا، ومليون من اليمن، مشيرة إلى أن هناك لاجئيـن وطالبي لجوء ومهاجرين من أكثر من 59 دولة تستضيفهم مصر.

 

وقدرت المنظمة الدولية للهجرة في تقرير يوم 7 أغسطس 2022، عدد المهاجرين الدوليين في مصر بنحو 9 ملايين و12 ألفًا و582 مهاجرًا ولاجئًا، من 133 دولة حول العالم، العدد الأكبر منهم من السودان وسوريا.

 

وحصلت مفوضية اللاجئيـن في مصر على 71.9 مليون دولارًا دعمًا دوليًا خلال 2024، من أصل  134.7 مليون دولارًا قالت إنها تحتاجهم لتقديم الدعم للاجئين في مصر.

 

وفي مارس 2024، تم إعلان الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر، في حزمة مالية جديدة واستثمارات من الاتحاد بقيمة 7.4 مليارات يورو على مدار 4 سنوات قادمة، ومنها استثمار 200 مليون يورو على الأقل من حزمة لملف الهجرة.


مقالات مشتركة