جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الادارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

أهل بلدنا   2025-11-18T06:34:39+02:00

جامعة المنصورة تكشف في دراسة دكتوراه كيف يواجه الشباب أخطر أشكال الابتزاز الرقمي

جمال الصباغ

 

 

في زمن صار فيه العالم الافتراضي حاضرًا أكثر من الواقع نفسه، لم يعد ابتزاز الشباب عبر المنصات الرقمية مجرد حادث فردي، بل ظاهرة متصاعدة تعيد تشكيل الشعور بالأمان على مستوى المجتمع بأسره. وفي قلب هذا المشهد جاءت دراسة الدكتوراه التي نوقشت بجامعة المنصورة، محاولة أن تفهم الظاهرة من جذورها، وأن تبحث في سؤال جوهري: كيف يتعامل الشباب مع هذا التهديد؟ وهل يمكن أن تتحول السوشيال ميديا — المتهمة دائمًا — إلى جزء من الحل؟

 

الدراسة التي قدّمها الباحث محمد شحاتة لم تكن بحثًا تقليديًا بقدر ما كانت محاولة لكشف ملامح الوعي الرقمي داخل الجامعات المصرية.

 

وشهدت جلسة المناقشة حضورًا لافتًا لعدد من عمداء الكليات والإعلاميين وأعضاء هيئة التدريس، فيما تكوّنت لجنة الحكم والمناقشة من نخبة علمية بارزة ضمت:

الأستاذ الدكتور/ ثروت علي الديب – أستاذ علم الاجتماع المتفرغ ووكيل كلية السياحة والفنادق الأسبق – جامعة المنصورة (مشرفًا ورئيسًا للجنة)،

واللواء الدكتور/ هشام محمد إمام الحلبي – مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية (مناقشًا خارجيًا)،

والأستاذ الدكتور/ علي الدين عبدالبديع القصبي – أستاذ علم الاجتماع المساعد بكلية الآداب بقنا – جامعة جنوب الوادي (مناقشًا خارجيًا).

 

وقد قدّمت اللجنة مناقشة ثرية كشفت أهمية الدراسة في ظل التحولات الرقمية الراهنة.

 

وتبين من خلال النتائج أن الطلاب يمتلكون وعيًا عامًا بخطورة الابتزاز الإلكتروني، لكن هذا الوعي لا يصاحبه دائمًا مهارات حماية حقيقية؛ فمشاركة المعلومات الشخصية ما تزال أحد أكبر أبواب الخطر، والحسابات الوهمية تمنح الجريمة مساحة واسعة للتحرك. ورغم ذلك، تشير الدراسة إلى أن المحتوى التوعوي حين يصل إلى الشباب يكون له أثر واضح في تغيير السلوك ورفع مستوى الحذر.

 

لكن الدراسة لم تتوقف عند حدود التشخيص؛ بل قدّمت رؤية جديدة للتعامل مع الظاهرة، رؤية لا تقوم على النصائح الجزئية، بل على بناء منظومة متكاملة للأمان الرقمي داخل الجامعة والمجتمع.

 

وترى الدراسة أن حماية الشباب تبدأ من إعادة تعريف دور الجامعة، بحيث تتحول إلى مساحة تعليمية وأمنية في الوقت نفسه. فالأمن الرقمي – كما تشير الدراسة – يجب أن يصبح جزءًا من الثقافة الجامعية: محتوى معرفيًا داخل المقررات، ووحدات تستقبل الطلاب بسرية حين يحتاجون للدعم النفسي أو القانوني، وبرامج توعية مستمرة تُقدَّم عبر ورش عمل ولقاءات، وليس منشورات عابرة على صفحات التواصل الاجتماعي.

 

وتضيف الدراسة أن دور الجامعات يجب أن يمتد إلى بناء شراكات حقيقية مع منصات التواصل لإنتاج محتوى قادر على الوصول إلى الشباب بلغة قريبة منهم.

 

وعلى مستوى الدولة وصنّاع القرار، تدعو الدراسة إلى تطوير بنية تشريعية أكثر مرونة في التعامل مع البلاغات الرقمية، وإنشاء منصة وطنية موحدة تعيد الثقة إلى الضحايا وتمنحهم قناة آمنة للإبلاغ. كما تشدد على ضرورة تعاون الدولة مع شركات التكنولوجيا العالمية لإزالة المحتوى المبتز بصورة أسرع وأكثر فاعلية.

 

أما الأسرة والمجتمع، فترى الدراسة أنهما الحلقة الأولى في حماية الشباب؛ لكن هذه الحماية لا تأتي عبر الرقابة الصارمة، بل عبر المتابعة الواعية المبنية على الحوار والثقة. وتشير النتائج إلى أن الحملات المجتمعية – حين تُدار بشكل مستمر – قادرة على تغيير الثقافة السائدة حول الخوف والصمت، وأن تعزيز ثقافة الإبلاغ يمثل خطوة جوهرية في مواجهة الظاهرة.

 

وتؤكد الدراسة في ختامها أن حماية الشباب من الابتزاز الإلكتروني ليست مهمة جهة واحدة، بل مهمة مجتمع بأكمله، يحتاج إلى وعي متجدد وبيئة آمنة توازن بين حرية الاستخدام ومسؤولية الحماية.

والرسالة، بهذا الشكل، لا تُعالج ظاهرة فقط، بل تدعو إلى إعادة بناء ثقافة رقمية جديدة في ظل عالم لا يتوقف عن التغير.

 

وقد قررت لجنة المناقشة منح الباحث درجة الدكتوراه بتقدير “ مرتبة الشرف الأولى”، مع التوصية بطباعة الرسالة وتداولها بين الجامعات نظرًا لأهميتها العلمية.

 

 


مقالات مشتركة