جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الإدارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

تحقيقات وملفات   2024-12-11T03:37:03+02:00

الأسرار الممنوعة فى ملف الديون الخارجية المصرية

رشا علوى

أشار صندوق النقد الدولي هذا العام إلى استمرار التحديات المتعلقة بالدين الخارجي على المستوى العالمي؛ حيث توقع الصندوق أن يشهد الدين مستويات مرتفعة في العديد من البلدان، لا سيما في الأسواق الناشئة والدول النامية. فوفقًا لتقديرات الصندوق، من المرجح أن يتجاوز الدين الخارجي نسبة 40% من الناتج المحلي الإجمالي في معظم الاقتصادات الناشئة، وتشير بيانات البنك الدولى إلى أن المديونيات الخارجية للدول النامية شهدت زيادة كبيرة بسبب الحاجة إلى الاقتراض لمواجهة التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الجائحة والتضخم العالمي. كما أن الارتفاعات الكبيرة في أسعار الفائدة على المستوى الدولي، بفعل السياسات النقدية المتشددة التي تبنتها البنوك المركزية الكبرى للحد من التضخم، أسهمت في زيادة أعباء خدمة الدين الخارجي لتلك الدول؛ مما يفرض تحديات مالية إضافية على موازناتها.

هذه الحقائق رصدتها دراسة مهمة للغاية صدرت مؤخراً بعنوان :"  دين مُدار.. نمو مُستدام”: انخفاض الدين الخارجي لمصر" والتى أعدها الباحث أحمد بيومي ونستعرضها فى التقرير التالى .

 

 

معهد التمويل الدولى  يحذر من تزايد مخاطر الديون السيادية

 

حذر معهد التمويل الدولى من تزايد مخاطر الديون السيادية؛ حيث أظهرت تقارير أن نحو 60% من الدول المنخفضة الدخل أصبحت في حالة ضائقة ديون أو على وشك الدخول في هذه الحالة. يأتي هذا في وقت تتصاعد فيه الدعوات إلى تخفيف عبء الديون أو إعادة هيكلتها، من خلال مبادرات متعددة الأطراف كإطار العمل المشترك لمجموعة العشرين، الذي يسعى إلى توفير حلول عملية لتخفيف الديون عن الدول الأكثر تأثرًا، وتوقعت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) أن تكون بعض الدول الأفريقية والأمريكية اللاتينية من أكثر الدول تأثرًا بارتفاع أعباء الديون؛ مما يستدعي تقديم المزيد من الدعم المالي والمساعدات الدولية لتجنب حالات التعثر، كما أن التحديات المالية للدول الناشئة قد تؤدي إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية فيها؛ مما يفاقم من مشكلاتها الاقتصادية.

 

 

 

 

 

موقف الدين الخارجي

 

 

شهد الدين الخارجي لمصر ارتفاعًا ملحوظًا حتى وصل إلى ذروته في عام 2023، وذلك نتيجة التمويلات المستمرة لمشروعات التنمية والبنية التحتية، إضافةً إلى مواجهة تداعيات الجائحة والظروف الاقتصادية العالمية، لكن في الفترة الأخيرة، تحسنت إدارة الدين الخارجي المصري بفضل عدد من السياسات المالية التي تبنتها الحكومة والتي استهدفت ضبط معدلات الاقتراض وتقليل أعباء خدمة الدين، وعملت وزارة المالية والبنك المركزي المصري على تطبيق استراتيجية متكاملة تشمل إصدار سندات طويلة الأجل وإعادة هيكلة بعض الديون المستحقة لتخفيف الضغوط المالية على المدى القريب؛ مما أسهم في استقرار معدلات الدين الخارجي. وقد انخفضت مستويات الدين الخارجي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بفضل هذا النهج لتصل إلى 34.9% في العام 2024 مقابل معدل 38.4% في العام 2023، مع الحفاظ على الاحتياطي النقدي في مستويات آمنة. كما ساعدت الإصلاحات الاقتصادية المتتالية، التي شملت تحسين مناخ الاستثمار ورفع كفاءة الإيرادات العامة، على تقليل الحاجة إلى الاقتراض الخارجي؛ مما يضع الاقتصاد المصري على مسار أكثر استدامة واستقرارًا.

 

 

تقليل الضغوط المالية على الموازنة

 

 استطاعت استراتيجية وزارة المالية المصرية لإدارة عمر الدين الخارجي في تحقيق بعض النجاحات في إطالة عمر الدين وتخفيف الالتزامات قصيرة الأجل على الدولة المصرية، فمن خلال تمديد آجال استحقاق الديون وإعادة هيكلة جزء منها، نجحت الوزارة في تقليل الضغوط المالية الفورية على الموازنة؛ مما ساعد في توجيه الموارد نحو دعم النمو الاقتصادي بدلًا من سداد الديون بشكل مكثف على المدى القصير. كما أن إصدار سندات طويلة الأجل، مثل السندات الخضراء وسندات “اليورو بوند”، أسهم في استقطاب الاستثمارات الخارجية بتكاليف منخفضة نسبيًا مع توزيع السداد على فترة زمنية أطول.

 

استطاعت مصر خلال العام 2024 خفض إجمالي الدين العام الخارجي إلى 152.9 مليار دولار، منخفضًا بحوالي 11.8 مليار دولار عن أعلى رقم تحقق في تاريخ الدين العام المصري والذي بلغ 164.7 مليار دولار في العام 2023، وقد بلغت قيمة الأقساط والفوائد المستحقة على الديون الخارجية المصرية نحو 29.2 مليار دولار في العام 2024، يستحق منها حوالي 14.6 مليار دولار في النصف الأول ويستحق الباقي في النصف الثاني، أما في عام 2025، فمن المتوقع أن تنخفض هذه المبالغ قليلًا لتصل إلى 19.4 مليار دولار، موزعة على 11.2 مليار دولار في النصف الأول و8.2 مليارات دولار في النصف الثاني. يأتي هذا التراجع نتيجة جهود الحكومة المصرية لإعادة هيكلة ديونها الخارجية ومدّ آجال استحقاق الديون بهدف تخفيف الضغوط المالية على الاقتصاد المصري، مع استمرار التركيز على بيع الأصول العامة لتحسين التدفقات النقدية وتخفيف الأعباء المالية​.

 

 

استراتيجية شاملة لتقليل عبء الديون

 

 

لإدارة الدين المصري بشكل فعّال خلال الفترة من 2025 حتى 2028، يمكن تبني استراتيجية شاملة تهدف إلى تقليل عبء الديون، وتعزيز الاستقرار المالي، ودعم مسار النمو الاقتصادي المستدام. هذه الاستراتيجية يمكن أن تشمل عدة محاور تتمثل في:

 

إعادة هيكلة الديون الخارجية واستبدال الديون قصيرة الأجل بأخرى طويلة الأجل، استكمالًا لجهود إطالة آجال استحقاق الديون التي اتبعتها مصر في السنوات الماضية، يمكن أن تواصل الحكومة المصرية إصدار سندات دولية طويلة الأجل بفترات استحقاق تمتد إلى عشر سنوات أو أكثر، بهدف تخفيف الضغوط المالية على الموازنة العامة. كما يمكن طرح سندات بالجنيه المصري لجذب الاستثمارات المحلية؛ مما يقلل من الاعتماد على التمويلات الخارجية ويعزز استقرار النقد الأجنبي، وربما قد يتطلب الأمر إنشاء هيئة متخصصة لإدارة الدين العام في مصر؛ مما يضمن وضع سياسات دين متكاملة تشمل تحليل المخاطر ومراقبة نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، مع تعزيز الشفافية في عرض البيانات المتعلقة بالدين وفق المعايير الدولية. هذه الهيئة يمكن أن تضع خططًا واضحة لإدارة الالتزامات المالية وتحديد أولويات السداد؛ مما يسهم في تحسين النظرة الائتمانية الدولية لمصر.

 

 

تنويع مصادر التمويل

 

تعتبر زيادة الإيرادات الحكومية ضرورة ملحة لتقليل الحاجة إلى الاقتراض، ويمكن تحقيق ذلك عبر توسيع القاعدة الضريبية من خلال إصلاح النظام الضريبي، والذي يهدف إلى تقليل التهرب الضريبي وزيادة كفاءة التحصيل. كما يمكن للحكومة أن تركز على زيادة الإيرادات غير الضريبية من خلال تحسين عوائد المشروعات الحكومية، واستغلال الأصول العامة بطرق مختلفة كالخصخصة الجزئية أو الشراكات مع القطاع الخاص. كذلك، يمكن تقليل العجز المالي تدريجيًا عبر ترشيد النفقات الحكومية، مع الحرص على الاستثمار في مشروعات البنية التحتية التي تحقق عوائد اقتصادية مرتفعة، ويعتبر الاستمرار في تنويع مصادر التمويل خطوة مهمة نحو تقليل الضغط المالي، ويمكن لمصر الاستفادة من التمويلات الميسرة من المؤسسات الدولية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد العربي، والتركيز على الحصول على قروض بفوائد منخفضة وشروط مرنة. ويمكن تعزيز التعاون مع دول الخليج والمؤسسات الاستثمارية العالمية لتمويل مشروعات البنية التحتية والقطاعات الاستراتيجية عبر شراكات مباشرة، دون الحاجة إلى الاقتراض الكبير، هذا فضلًا عن أنه يمكن للدولة المصرية الاستفادة من أدوات التمويل المبتكرة مثل السندات الخضراء والسندات المرتبطة بالاستدامة، والتي تجذب مستثمرين يهتمون بالاستثمار المسئول اجتماعيًا وبيئيًا؛ مما يتيح لمصر تمويل مشاريع التنمية المستدامة دون اللجوء إلى الاقتراض التقليدي.

 

ومن أجل تحسين القدرة على سداد الديون وتقليل الاعتماد على الاقتراض، يجب التركيز على دعم القطاعات ذات القدرة التصديرية العالية مثل الزراعة، الصناعة، والسياحة؛ حيث يسهم ذلك في تعزيز دخل الدولة من العملات الأجنبية وزيادة احتياطي النقد الأجنبي. كما يمكن لمصر التوجه نحو الاقتصاد الرقمي ودعم الاستثمار في التكنولوجيا؛ مما يعزز تنويع الاقتصاد ويوفر فرص عمل جديدة، ويزيد من مرونة الاقتصاد المصري في مواجهة الصدمات الخارجية.

 

 

مصر مطالبة بسداد 43 مليار دولار أقساط وفوائد ديون خلال العام المقبل

 

تشير البيانات الرسمية إلى ارتفاع إجمالي الالتزامات الخارجية بما في ذلك الأقساط وفوائد الديون لتسجل نحو 42.3 مليار دولار خلال العام المقبل.

 

وقد تضاعف إجمالي الديون الخارجية المستحقة على مصر خلال السنوات العشر الأخيرة. حيث بلغ إجمالي الدين الخارجي بنهاية الربع الأول من العام الماضي نحو 153 مليار دولار.

 

جاء تضاعف الدين نتيجة زيادة الاقتراض من المقرضين متعددي الأطراف وأسواق الدين العالمية. ويعادل هذا الرقم نحو 40.3% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، أي أقل من حاجز الـ 50% المقدر من جانب صندوق النقد الدولي لمستويات الديون التي يمكن السيطرة عليها. وتمثل الديون المقومة بالدولار أكثر من ثلثي الديون الخارجية للبلاد.

ووفق بيانات "المركزي المصري"، فإنه سيتعين على مصر سداد نحو 32.8 مليار دولار والتي تعادل نحو 20% من إجمالي الديون الخارجية للبلاد، ديون متوسطة وطويلة الأجل مستحقة خلال 2024. ويمثل هذا زيادة قدرها 3.6 مليار دولار عن تقديرات البنك في سبتمبر، وهو ما يرفع إجمالي الديون المتوسطة والطويلة الأجل المستحقة على البلاد إلى 29.2 مليار دولار العام المقبل.

وفيما يتعلق بالديون قصيرة الأجل، فإن مصر سددت نحو 9.5 مليار دولار من أقساط الديون والفوائد قصيرة الأجل خلال النصف الأول من 2024.

 

وبنهاية العام المالي الماضي، سجل الدين الخارجي لمصر نحو 164.7 مليار دولار، بانخفاض عن 165.4 مليار دولار في مارس الماضي، لكنه لا يزال أعلى بنحو 9 مليارات دولار من الرقم المسجل بنهاية العام المالي 2021/2022.

 

وقبل أيام، كان صندوق النقد الدولي، قد كشف أن مصر سوف تسدد للصندوق نحو 261 مليون دولار في يناير 2024، وذلك ضمن 6.7 مليار دولار مديونيات يتعين عليها سدادها للمؤسسة الدولية خلال 2024.

 

وسددت مصر نحو 564 مليون دولار للصندوق خلال شهر ديسمبر الماضي، ليرتفع إجمالي ما تم سداده إلى نحو 3.764 مليار دولار، لكنها مازالت ثاني أكبر مدين للصندوق بعد الأرجنتين.

 

وارتفعت مديونية مصر للصندوق خلال جائحة كورونا بعد حصولها على حزمة مساعدات تقترب من 8 مليارات دولار بخلاف نحو 12 مليار دولار قيمة برنامج التمويل الذي تم الاتفاق عليه في 2016 والذي نفذت مصر بموجبه برنامج الإصلاح الاقتصادي.

 

وفيما يتعلق بالودائع الخليجية، فقد مددت الإمارات أجل استحقاق وديعة بقيمة مليار دولار كانت تستحق في يوليو الماضي، ليصبح تاريخ استحقاقها في يوليو 2026. ووفقا للبيانات، يبلغ إجمالي ودائع دولة الإمارات لدى البنك المركزي 5.7 مليار دولار.

 

كما مددت الكويت أجل استحقاق وديعة بقيمة ملياري دولار لدى البنك المركزي كانت تستحق في أبريل 2023 لمدة عام جديد لتستحق في أبريل 2024. ويبلغ إجمالي ودائع الكويت نحو 4 مليارات دولار .

 


مقالات مشتركة