جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الادارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

تحقيقات وملفات   2025-10-28T08:53:50+03:00

توقعات أسعار الفائدة البنكية فى مصر خلال الفترة القادمة

احمد صالح

 

كشف تقرير البنك المركزي عن عودة النشاط الاقتصادي إلى مستواه ما قبل الصدمات وتباطؤ فجوة الناتج السلبية تدريجيًا؛ حيث تشير التقديرات المركزي إلى نمو الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 4.8% في الربع الثاني من 2025 .

الصناعات التحويلية غير البترولية.

كما أظهر التقرير تحسنًا ملحوظًا شهده الحساب الجاري الذي انخفض عجزه إلى 0.7% من الناتج المحلي في الربع الأول 2025، بدعم رئيسي من ارتفاع حاد في تحويلات المصريين العاملين بالخارج (+87%)، وزيادة إيرادات السياحة، وتراجع العجز في الميزان التجاري غير البترولي بفضل نمو الصادرات.

 

على الرغم من توسع العجز في الميزان البترولي نتيجة زيادة واردات الغاز الطبيعي لتغطية الطلب المحلي، فإن التحسن في الحساب الجاري ساعد على تخفيف الضغوط التضخمية ورفع صافي الاحتياطيات الأجنبية إلى 48.7 مليار دولار -مما يكفي لتغطية أكثر من 6 أشهر من الواردات.

 

في حين أن الحساب المالي أظهر عجزًا بسبب تسجيل زيادة في صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك التجارية، لكنه تعويض جزئي من تدفقات استثمار أجنبي مباشر واستثمارات محفظة مالية يشير إلى تحسن ثقة المستثمرين وسط تحديات بيئة التمويل العالمية.

 

من ناحية آخرى أظهرت السيولة المحلية تباطؤًا في النمو لتسجل 24.8% في المتوسط، مع استقرار صافي الأصول الأجنبية للبنوك التجارية، جزء منها ناتج عن تحويل استثنائي في هيكلة التدفقات، وارتفاع تدريجي في الاحتياطيات النقدية الأجنبية؛ مما يبرز نجاح السياسة النقدية في احتواء التضخم النقدي، مع الأخذ في الاعتبار أن المعدل لا يزال مرتفعًا جدًا مقارنة بالمعايير الدولية في هذا الشأن؛ مما يدل على أن المخاطر التضخمية لم تنتهِ بعد.

 

وقد انخفضت نسبة الدين العام للناتج المحلي من 95.7% في 2023 إلى نحو 85% في يونيو 2025، نتيجة لفاعلية إدارة الدين وتحسن الإيرادات، مع دعم من إصدارات الصكوك والسندات الدولية التي تساعد على خفض تكلفة التمويل إلى مستويات أقل؛ مما يعزز من قدرة السياسة النقدية على مكافحة التضخم دون تعريض الاستقرار المالي للخطر.

 

وأشار التقرير إلى استمرار التضخم في نطاق 15-16% لعام 2025 ثم الهبوط وصولًا إلى أهداف الـ 11-12% في عام 2026، مع الإشارة إلى مخاطر من اتجاهين؛ آثار خفض الدعم الجارية، ومن اتجاه آخر صدمات خارجية محتملة تعيد التضخم للصعود المؤقت. وهذه الإشارة تبين أن القائمين على إدارة السياسة النقدية مراقبين عن كثب الأوضاع العامة المؤثرة على أداء الاقتصاد المصري بشكل عام بشكل مترابط.

 

فى هذا السياق كشفت دراسة صدرت مؤخراً بعنوان "  قراءة في تقرير السياسة النقدية المصري للربع الثاني 2025: سياسة تيسيرية محاطة بالحذر " وأعدها شادى هلال أن التوقعات تشير إلى نمو في الناتج المحلي الإجمالي بـ 4.8% في 2025/2026 بناءً على النمو المتوقع للناتج المحلي الحقيقي بنسبة 4.3% في 2024/2025، و5.1% في 2026/2027. مدعومًا بانتعاش تدريجي للصناعات التحويلية المتضررة سابقًا وارتفاع إيرادات قناة السويس، مع ربط التعافي ببقاء الأوضاع العالمية هادئة وعدم حدوث صدمات مالية أو جيوسياسية.

 

وتوقعت الدراسة أنه يحدث ارتفاع في معدلات التضخم قبل الاستقرار وختام العام الحالي، ونتوقع أن تُختتم معدلات التضخم في 2025 حول 14%، وذلك إذا تم السيطرة على الأسعار محليًا في حال مضي الحكومة بقرار زيادة أسعار المحروقات في الربع الأخير من 2025 كما هو معلن، بالإضافة إلى التعديل الإضافي في تسعير الأدوية.

 

وما يساعد على الوصول لتلك المعدلات المتوقعة أعلاه بعض العوامل الخارجية والداخلية معًا، منها استقرار أسعار النفط العالمية وداخليًا السيطرة على أسعار الغذاء محليًا وتخفيف ضغوط التضخم في السلع غير الغذائية والخدمات. وهو من جانب آخر ما قد يدفع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري للمضي قدمًا في طريق التيسير النقدي وإتاحة الفرص للنظر في معدلات الفائدة البنكية، مدعومًا باحتمالية خفض الفائدة في جميع البنوك المركزية حول العالم.

 

وأظهر تقرير السياسة النقدية للربع الثاني رؤية شاملة متزنة وموضوعية للتحديات والفرص التي تواجه الاقتصاد المصري، وتبين نجاحًا نسبيًا في الانتقال من مرحلة تشديد نقدي عنيف إلى تيسير حذر ومدروس، مع تأكيد على التزام البنك المركزي المصري بسياسة نقدية متوازنة تستهدف استقرار الأسعار وتمكين النمو المستدام ومراقبة عن كثب للمستجدات اجتماعًا بعد اجتماع مع استعداد لاستخدام كل أدواته عند الحاجة.

 

ويظهر التقرير تركيزًا عميقًا على التفاصيل الاقتصادية والمالية بالإضافة إلى ضبط السياسات المالية والنقدية لتوفير بيئة مستقرة جاذبة للاستثمار ومتجاوبة مع المتغيرات العالمية والمحلية.

 

فقد استعرض التطورات وأظهر التحديات دون إغفال النجاحات. فقد شخص مصادر القوة (التحسن في الحساب الجاري ونمو الاحتياطيات وتخفيض الدين) ومواطن الضعف (تباطؤ نمو الأجور الحقيقية، استمرار الضغوط التضخمية غير الغذائية، ضعف الاستثمارات العامة، المخاطر العالمية الدائمة).

 

وقد ربط التعافي ببقاء الأوضاع العالمية هادئة وعدم حدوث صدمات مالية أو جيوسياسية وتقلب في حجم السيولة واحتياج الحكومة المتكرر للاقتراض، ولم يغفل أن زيادة الأصول الأجنبية لدى البنوك التجارية جزء منها ناتج عن تحويل استثنائي في هيكلة التدفقات وليس جاذبية استثمارية دائمة. وقد أظهر التقرير بواقعية شديدة احتمالية انتقال آثار التضخم المستورد لمصر إذا حدثت تطورات سلبية عالميًا وإقليميًا.

 

فهذا التحول في السياسة النقدية، رغم كونه محدودًا نظرًا للظروف الاقتصادية المحيطة، فإنه جيد؛ حيث إنه يضع الأساس لاستقرار اقتصادي أوسع، خاصة إذا ترافق مع إصلاحات هيكلية في القطاع الحقيقي، وزيادة في تنافسية الإنتاج المحلي.

 


مقالات مشتركة