 
 كشفت مصادر حكومية مسئولة، أن اجتماعات مكثفة شهدتها الحكومة خلال الفترة التي سبقت وأعقبت، القرار الأخيربرفع أسعار الوقود، مع بداية الأسبوع الثالث من شهر أكتوبر 2025، شاركت في هذه الاجتماعات جهات عديدة منها جهات عليا رفيعة المستوى، وجهات رقابية، استقر بها الحال، إلى الموافقة على رفع اسعار الوقود، بالاضافة الى الاعداد لقرار آخر ياتي في إطار توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو تحسين أجور العاملين بالدولة، لمواجهة أي تبعات ترتبت على زيادة أسعار الوقود.
وقالت المصادر في تصريحات خاصة لـ « صوت الملايين» ، إن الاتفاق بين هذه الجهات المسئولة والقيادية في الدولة، تضمن إقرار خطة لتحسين الأجور وزيادة الحد الأدنى للأجور للعاملين بالدولة في 2026 ، من 7000 جنيه إلى 8000 آلاف جنيه، ودارت نقاشات كثيرة حول موعد الاعلان عن زيادة الأجور، خلال العام الجديد، حيث اتجه رأي لأن يتم الإعلان مع بداية شهر مارس 2025 ، خاصة أنه سيكون تقاضي المرتبات خلال شهر رمضان المبارك، وتكون مناسبة طيبة وجيدة للمصريين، مع الشهر الكريم الذي سيحل يوم 18 فبراير المقبل، وهو ما حدث منذ ثلاثة اعوام عندما قررت الحكومة تبكير رفع الحد الأدنى للأجور في شهر أبريل 2022 ، بينما اتجه الرأي الآخر الى اعلان الزيادة في الميعاد الطبيعي مع بداية السنة المالية الجديدة في شهر يوليو 2025 .
أوضحت المصادر أن الزيادة الجديدة المقترحة للحد الأدنى للأجور، تأتي بعد حصول جهات عليا رفيعة المستوى على الضوء الأخضر من القيادة السياسية وتوجيهات، بضرورة الاستمرار في تحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، ومحاولة تخفيف الأعباء عن كاهل الاسر المصرية، لافتة الى أن الزيادة المقترحة ستكون هي الزيادة السابعة، منذ عام 2019 ، حيث جاء تطور الزيادات في الحد الأدنى للأجور للعاملين بالحكومة على النحو التالي:
الزيادة الأولى - رفع الحد الأدنى للأجور من 1200 جنيه إلى 2000 جنيه خلال عام 2019.
الزيادة الثانية : رفع الحد الأدنى للأجور عام 2021 إلى 2400 جنيه.
الزيادة الثالثة : في يناير 2022 وصل الحد الأدنى للأجور إلى 2700 جنيه.
الزيادة الرابعة : ارتفع الحد الأدنى للاجور إلى 3500 خلال مارس 2023.
الزيادة الخامسة: 4000 جنيه خلال سبتمبر 2023 .
الزيادة السادسة : 6000 جنيه مارس 2024
وكان وزير المالية أحمد كجوك ، تنفيذ صرف الزيادة السادسة في الحد الأدنى للأجور الأجور للعاملين بالدولة اعتبارًا من أول يوليو الماضي مع بدء تنفيذ موازنة العام المالى الجديد ٢٠٢٥/ ٢٠٢٦، فى إطار جهود الدولة المستمرة لتحسين الأجور وتخفيف الأعباء عن المواطنين، مع زيادة العلاوة الدورية ١٠٪ للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية و١٥٪ لغير المخاطبين بحد أدنى ١٥٠ جنيهًا شهريًا، وزيادة علاوة «غلاء المعيشة» من ٦٠٠ جنيه إلى ألف جنيه، وزيادة الحافز الإضافي ٣٠٠ جنيه لكل الدرجات الوظيفية من «السادسة» حتى «الممتازة».
وزيادة مخصصات الأجور بنسبة ١٨,١٪ لتصل إلى ٦٧٩,١ مليار جنيه لاستيعاب الزيادات الجديدة المقررة ، وكذلك المخصصات المالية الكافية لضمان القدرة على تعيين أكثر من ٧٥ ألف معلم و٣٠ ألف طبيب و١٠ آلاف بباقي أجهزة الدولة.
اما بالنسبة للقطاع الخاص، فأصبحت الأمور على صفيح ساخن، بعد مطالبة النقابة العاملة للعاملين بالقطاع الخاص، بمطالبة المجلس القومي للأجور، برفع الحد الأدنى للأجور للعاملين بالقطاع الخاص، إلى 9000 الاف جنيه، وهو ما أثار حالة من البلبلة والإثارة، اضطرت وزارة العمل، على أثره لاصدار بيان كان مفاده نصا « أكدت وزارة العمل أن التصريحات التي أدلى بها الوزير محمد جبران، مساء الإثنين، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية كريمة عوض ببرنامج «حديث القاهرة»، المذاع على قناة « القاهرة والناس» تم تداولها ونشرها بشكل غير دقيق.
وأشارت الوزارة في بيان عاجل لها إلى أنه تم الربط بين حديث الوزير حول كيان غير شرعي يُطلق على نفسه «النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص»، ومطالبات هذا الكيان بزيادة الحد الأدنى للأجور، وهو ما لم يرد في سياق تصريحات الوزير.
وأوضحت الوزارة أن الوزير قال إن ما تم تداوله بشأن تقديم طلب رسمي لزيادة الحد الأدنى للأجور هو كلام غير مسؤول صادر عن كيان غير قانوني، ولا يوجد ما يسمى بـ «نقابة العاملين بالقطاع الخاص»، وستتخذ الوزارة الإجراءات القانونية اللازمة ضد من يروج لهذا المسمى.
وبشأن ملف الأجور، أكد الوزير أن تحديد الحد الأدنى للأجور يتم في توقيتات محددة من خلال المجلس القومي للأجور، الذي يضم في عضويته 6 وزراء، إلى جانب ممثلين عن النقابات وأصحاب الأعمال واتحاد الصناعات والغرف التجارية.
وشدد الوزير على أن قرارات زيادة الأجور لا تصدر بشكل عشوائي، وإنما تأتي بعد دراسات دقيقة وتوافق جماعي بين جميع الأطراف المعنية، مشيرًا إلى أن الاجتماع المقبل للمجلس سيُعقد خلال الفترة المقبلة لبحث ملف زيادة الحد الأدنى للأجور والعلاوة الدورية.
وأهابت وزارة العمل بجميع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي تحري الدقة والالتزام بالمهنية في تناول الأخبار، منعًا لإثارة البلبلة أو نشر معلومات غير صحيحة.
من جانبه أكد الدكتور علي عبدالحكيم الطحاوي، المتخصص في الشؤون السياسية والاقتصادية، أن المطالبة برفع الحد الأدنى إلى 9 آلاف جنيه تعد تعبيرا صادقًا عن معاناة شريحة واسعة من المواطنين، لكنها في الوقت ذاته تستوجب مقاربة واقعية تحفظ حقوق العامل وتراعي قدرة المؤسسات على الاستمرار.
وأوضح الطحاوي، في تصريحات خاصة لـ«صوت الملايين »، أن تحقيق التوازن بين حق العامل في أجر كريم يضمن له حياة كريمة ولأسرته، وبين قدرة مؤسسات القطاع الخاص خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة على تحمل هذه الزيادة دون الدخول في أزمات مالية أو اللجوء لتسريح العمالة، هو التحدي الحقيقي في هذا الملف.
وأشار إلى أن الدولة المصرية تسير بخطى ثابتة نحو تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة، ترتكز على تشجيع الاستثمار، وتوسيع قاعدة الإنتاج، وتحسين بيئة الأعمال، وهي خطوات تستهدف بالأساس تحسين دخول المواطنين وزيادة فرص العمل وتعزيز العدالة الاجتماعية. لكنه شدد على أن هذه الجهود بحاجة إلى شراكة فاعلة من القطاع الخاص، بما يضمن نموًا حقيقيًا في الإنتاجية يمكن من خلاله زيادة الأجور بشكل مستدام، وليس فقط كرد فعل لضغوط اقتصادية طارئة.
وقال الطحاوي إن رفع الحد الأدنى للأجور إلى هذا المستوى يجب أن يُطبق وفق آلية متدرجة وعادلة، تضمن تحقيق الاستقرار للعامل، وتحافظ على توازن السوق، من خلال ربط الأجور بالإنتاج، وتقديم دعم حكومي للمشروعات التي تلتزم بتحسين أجور العاملين، إلى جانب تشجيع برامج التدريب المهني لرفع كفاءة العمال وزيادة قدرتهم التنافسية.
وأوضح الطحاوي أن الحكومة، بتوجيهات واضحة من الرئيس عبدالفتاح السيسي، تعمل على احتواء آثار ارتفاع الأسعار من خلال برامج الحماية الاجتماعية، وتوسيع مظلة الدعم النقدي، مع الاستمرار في تحسين بيئة الاستثمار لخلق مزيد من فرص العمل وتحسين مستويات الدخل.
وأكد الطحاوي أن أي تحرك في ملف الأجور يجب أن يتناغم مع السياسات الاقتصادية العامة للدولة، لضمان عدم الإضرار بمنظومة الإنتاج أو التأثير سلبًا على جهود السيطرة على التضخم واستقرار الأسعار، حيث أن العدالة الاجتماعية لا تتحقق بقرارات منفردة، بل من خلال رؤية اقتصادية متكاملة تشمل رفع الأجور، وزيادة الإنتاج، ودعم الصناعة، وتوسيع قاعدة الاقتصاد الوطني، وتحسين الخدمات العامة، وهي الرؤية التي تعمل الدولة على ترسيخها، بما يضمن بناء اقتصاد قوي يلبّي تطلعات المواطن ويصون كرامته في مناخ من الاستقرار والتنمية المستدامة.
من جانبه طالب شعبان خليفة، رئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص، في وقت سابق بضرورة دعوة المجلس القومي للأجور للانعقاد بشكل عاجل للنظر في تداعيات زيادة الأسعار، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 9 آلاف جنيه على الأقل حتى يتناسب مع مستوى المعيشة الراهن، تنفيذا لأحكام المادة 102 من قانون العمل رقم 14 لسنة 2025، التي تختص بوضع الحد الأدنى لأجور العاملين في كل القطاعات على المستوى القومي، مع مراعاة احتياجات العمال وعائلاتهم وتكاليف المعيشة وتغيراتها.
