
سيكتب التاريخ أن العلامة الدكتور أسامة الأزهري هو من قوض مراكز القوى في وزارة الأوقاف وفي كل المديريات تقريبًا، وما زال المشوار طويلًا. شخصيات كثيرة كانت تظن، وبعض الظن إثم، أنهم ماكثون أبد الدهر، وأنه لا يمكن زحزحتهم عن مقاعدهم. هكذا روجوا وبئس ما قالوا.
لقد قال لي من أثق في نبله وصدقه أن (معالي الوزير يدرك تمامًا قبل أن يكون وزيرًا كل المشكلات والتحديات داخل الوزارة ولديه مشاريع وحلول عاجلة وآجلة لكل هذا، ولكن كل شيء بوقته). هذه حقيقة نراها بالعين المجردة.
أحدهم عاث في الأرض فسادًا وصدر صورة سيئة عن الوزارة، وكان يردد وسط عصابته أنه باقٍ باقٍ باقٍ يا ولدي! وجاء قرار معالي الوزير سريعًا، وتم إعفاؤه من منصبه.
وعلى وتيرة المخلوع تدرج الوزير الإنسان واستطاع رسم خريطة جديدة وناصعة وحديثة للوزارة التي كانت منهكة، من خلال الدفع بعناصر ودماء جديدة، وقد أضفى ذلك حالة من الارتياح بين العاملين ونزع حالة الرعب التي كانت سائدة.
استكمال التغيير شيء ضروري وهام، والكل ينتظر من معالي الوزير خطوات متسارعة رأبًا للصدع وإعادة الحيوية إلى مفاصل الوزارة والمديريات الإقليمية، وكفى حالة الركود التي ظلت لسنوات، وربما كانت الثمرة الوحيدة هي المزيد من التصريحات الوردية ويكفي مثلًا مسميات الإمام المثالي وإمام المنطقة وإمام قادة الفكر والإمام الوسطي والنتيجة “فنكوش” ومسجد متميز وآخر غير متميز ولا حول ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل.
والسؤال: ماذا تحقق على أرض الواقع؟ لا شيء. وهل تلاشت الجريمة أو انحصرت معدلاتها؟ لا والله، أرقام المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية لا تكذب. إذن كانت المنابر ودروس السبت والأحد والاثنين، وماذا قدمت؟
الجلوس على الكراسي فترة كبيرة مفسدة عظيمة هذه حقيقة، ونظرية التدوير لم تعد تجدي وليس لها أثر إيجابي، ويبقى الحل في ضخ الدماء واستبدال المتقاعسين، فالعالم يتغير من حولنا، ودور المنبر أقوى بكثير من كل الأطياف الإعلامية إذا أحسنا فعلًا توظيفه وتأهيل من يقفون فوقه.
وفي ظل التحديات التي نراها في منطقتنا، لا مناص من تنشيط الذاكرة الشعبية بالمواطنة الحقيقية وأن الحفاظ على الوطن من ثوابت الإيمان.
نظرية التنشيط والتحديث وضخ الدماء الوطنية يجب أن تمتد إلى المساجد الكبرى ومساجد آل البيت ومساجد النخبة. ليس في القاهرة وحدها، ولكن في كل عواصم المدن، ويجب أن يمتد الأمر إلى مساجد القرى، وكفى نظرية “ليس في الإمكان أبدع مما كان”.
وأعتقد أن الوزير العلامة والإنسان وضع يده على الجرح وينتظر الوقت الملائم والمواتي للتنفيذ، وزارة يديرها العالم الجليل الدكتور أسامة الأزهري.
لست قلقًا ولا مهمومًا عليها، فهو رجل محترم وزاهد ولا ينتظر الجزاء والشكر إلا من الله.
والله عز وجل من وراء القصد.