الرجال قليلون ..منهم من تعرفهم فتنساهم بمرور الأيام والليالي .وآخرون لايمكن أن تمحي سيرتهم من العقول .
هؤلاء بالتأكيد لا يزيدون في زماننا عن أصابع اليد الواحدة.وقد تبوأوا هذه المكانة بعد جهاد طويل وكفاح دؤوب وتضحيات لا مثيل لها .
منهم المجاهد إبراهيم شكري رئيس حزب العمل .الذي تعرض لمؤامرة سخيفة ودنيئة من النظام الذي يصدعنا عبر وسائل إعلامه التي لاتعد ولا تحصي بمساحة الحرية التي نحياها فقد ائتمروا علي الرجل .ودبجوا مؤامرتهم المشئومة التي انتهت كما رأينا إلي تجميد الحزب الذي كان قاب قوسين أو ادني من الاستئثار بالحكم .أغلقوا الحزب بالضبة والمفتاح . وأسكتوا صوت جريدته الشعب التي لعبت دوراً تاريخياً ومؤثراً وملموساً في صناعة جيلاً كاملاً وكان لها النصيب الأوفر في صياغة الوجدان المصري .وفي كل الأزمات كانت الرائدة .وكفاها والقائمون عليها الإطاحة بعدد غير قليل من رموز الفساد وأباطرة الحزب الوطني الجاثم فوق صدورنا منذ ربع قرن وحتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً؛
ومازلنا نذكر تحديها وجراءتها في خلع المرحوم /ذكي بدر بعد مؤتمره الشهير الذي عقده بجامعة بنها وداس فيه علي كل القيم والمثل باتهام رموز المجتمع وقادته الأصليين بنعوت ما أنزل الله بها من سلطان . إبراهيم شكري ابن الباشا وابن مركز شربين دقهلية النائب عن دائرته في كل انتخابات حرة وشريفة حرموه من ممارسة حقه الطبيعي والشرعي في رسم خريطة البلاد والعباد . وهو الأستاذ والمعلم والقدوة . نعم هو القدوة .ألم يقف في برلمانات ما قبل الثورة وهو سليل أسرة ثرية مطالباً بتوزيع الأرض علي الفلاحين باعتبارهم الملاك الحقيقيين للأرض . ألم يعشق تراب هذا الوطن .ألم يسهر الليالي من أجل تخفيف الأعباء علي العمال والفلاحين وذوي الدخول المحدودة. تولي أمر وزارة الزراعة فكانت بحق قبلة للفلاحين والمعدمين ولم يثبت أنه نهر فلاحاً حاول مقابلته وعرض شكواه. وفي كل المواقف الانسانيه كان الرجل سباقاً في مد جسور الود مع من خالفه الرأي ومن اتفق معه . وأذكر له ذات يوم عندما كتبت مقالاً في جريدة الشعب وكان ذلك في شهر ديسمبر عام 1989وكان مقالي بعنوان ( هموم داعية ) وكنت قاسياً في عرض مأساتي وأخوة لي يعيشون علي الكفاف يسمونهم برجال الدعوة .وكان القرار المجحف والظالم بنقلي إلي ديوان عام الوزارة .يومها ذهبت إليه في مجلس الشعب .بعد قراءته للمقال هدأ من روعي ..ولقنني درساً في مخاطبة الروءساء مازلت ممسكاً بتلابيبه حتى اليوم .فقد كان يميل إلي اللين في الطلب . ومع ذلك لم يتراخى ولم يتركني وحيداً فريداً.وكان لقاؤه بوزير الأوقاف الذي قرر عودتي إلي مسجدي دون المساس بمستقبلي .منذ تفتحت عيناي سمعت عنه فقالوا أنه الشهيد الحي .. وعرفت بعد ذلك أنه منذ نعومة أظافرة كان ثائراً فقد أصيب برصاص الإنجليز أثناء مشاركته في مظاهرة علي كوبري عباس . وفي عام 82 عندما تعرضت لبنان لاجتياح بربري ووحشي من آلة الحرب الصهيونية .كان الرجل في مقدمة من قرروا الذهاب إلي هناك لمشاركة اللبنانيين أحزانهم .الذين استخدمهم النظام للإجهاز علي حزب العمل وجريدته سقطوا من الذاكرة وان منحوا دكا كيين السياسة المسماة بالأحزاب الورقية. إما إبراهيم شكري فهو في القلب والعقل والوجدان وان رحل عن دنيانا فأمثاله إن شاء الله إلي الجنة التي وعد الله بها المتقون .
( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون ) صدق الله العظيم
