جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الادارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

رئيس التحرير يكتب   2019-10-15T22:23:26+02:00

الديون الخارجية = كارثة مصرية !!!!

محمد طرابيه

تعد قضية الدين الخارجية ـ إحدى القضايا الرئيسية التى تستحوذ على عقل وفكر الرئيس عبدالفتاح السيسى ، ولذلك طالب الحكومة مراراً وتكراراً  بضرورة البحث عن حل لكارثة الديون التى تزايد حجمها بشدة طوال السنوات الماضية .

وقد شهدت الأيام الماضية تضارباً فى التصريحات بشأن، هذه القضية ، ففى حين أكد رامي أبوالنجا وكيل محافظ البنك المركزي لقطاع الأسواق والعلاقات الخارجية إن مصر لا تواجه أية مشكلة في سداد ديونها والتزاماتها الخارجية ، وشدد على أنه يتم سداد كافة الالتزامات في مواعيدها المحددة، فالاقتصاد بات قادرا على توليد موارد بالنقد الأجنبي لتوفير كافة إحتياجاته ، إلا أن تصريحات صادرة عن أحمد كجوك نائب وزير المالية للسياسات المالية والتطوير المؤسسي  أثارت القلق حيث قال إن الحكومة تسعى للوصول بمتوسط آجال ديونها الخارجية إلى 5 سنوات بدلا من عامين وذلك من خلال إعادة هيكلة الدين وهو ما يتناقض مع تصريحات وكيل محافظ البنك المركزى  وتكشف عدم القدرة على السداد فى المواعيد المحددة .

 

فى البداية نشير إلى الزيادات التى حدثت فى الدين الخارجى خلال السنوات الماضية  ، حيث كان يقدر ب 45 ملاير دولار  فى 2014  ثم ارتفع فى 2015 إلى 48 مليار دولار ، وفى عام 2016 وصل إلى 55 مليار و700 مليون دولار . أما فى 2017 فبلغ 79 مليار دولار وفى 2018 وصل الى 92 مليار و600 مليون دولار .

وخلال الربع الأول من العام الحالى 2019 بلغ93 مليار و100 مليون دولار ثم ارتفع فى الربع الثانى من العام الحالى إلى 96 مليار و600 مليون دولار ووصل حالياً إلى 106 مليار و200 مليون دولار .

فى هذا السياق أعلن البنك الدولي في تقرير صدر قبل أيام، أن الدين الخارجي لمصر ارتفع إلى نحو 106.2 مليار دولار بنهاية مارس الماضي، مقابل نحو 88.16 مليار دولار بالفترة المقارنة من العام الماضي بزيادة بلغت نحو 18.1 مليار دولار.

 

وحول هذه الأرقام أكدت مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" في مذكرة صدرت حول " مدى خطورة ارتفاع الدين الخارجي لمصر "  أن هناك مخاطر سلبية واضحة للدين الخارجي، من بينها مخاطر تجديد القروض - إذا تدهورت الرغبة في المخاطرة، وبالتالي يصبح من الصعب للغاية الحصول على تمويلات خارجية جديدة لتدوير الديون المستحقة.

كما حذر تقرير لشركة ««فيتش سوليوشنز»» من هشاشة وضع الديون في مصر وإمكانية تأثره بالاتجاه العالمي حالياً لزيادة أسعار الفائدة.

وقال التقرير إن ما يحدّ من مخاطر العملة في مصر هيمنة الدين المحلي على مجمل الديون المصرية، لكنه حذر من قِصر آجال الديون المصرية، فـ50% منها تنتهي آجالها بنهاية 2020، وفي ظل البيئة العالمية لتشديد السياسات النقدية قد يضع ذلك مصر أمام مخاطر ارتفاع تكاليف الاستدانة.

ووفقاً للتقرير الذي صدر تحت عنوان «تعزيز الاستثمار الخاص والتمويل التجاري للبنية التحتية»، «ستواجه مصر فجوة كبيرة في تمويل البنية التحتية على مدار السنوات العشرين القادمة بناءً على الاتجاهات الحالية. ففي أثناء هذه الفترة تستطيع مصر أن توفر ما يصل إلى 445 مليار دولار أميركي ولكنها في حاجة إلى 675 مليار دولار كي تفي باحتياجاتها، مما يسفر عن فجوة استثمارية قدرها 230 مليار دولار».

 

 

 

وأشار تقرير للبنك المركزى المصرى  أن "أعباء خدمة الدين بلغت قيمتها نحو 7.3 مليار دولار، خلال الفترة من يوليو إلى ديسمبر) من السنة المالية 2018 – 2019".

وقد سجَّل الدين الخارجي، نحو 906.3 دولار لكل مواطن خلال الفترة نفسها مقابل 790.8 دولار لكل مواطن بنهاية الربع الثاني من العام المالي 2017 - 2018.

وقال تقرير لوكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز"، عن ديون الشرق الأوسط، في فبراير الماضي إن "مصر تستحوذ على 20% من إجمالي الديون السيادية طويلة الأجل المتوقع طرحها خلال 2019 بنحو 28 مليار دولار"، مشيرة إلى أن "مصر تواجه مخاطر إعادة تمديد الديون، إذ يصل الاستحقاق عليها من الديون 36% من الناتج المحلي الإجمالي".

قالت وكالة "موديز" ، إن قدرة مصر على تحمل الديون تظل ضعيفة للغاية.

وأشارت موديز ، إلى حاجة مصر إلى تمويلات كبيرة على مدى السنوات القليلة المقبلة.

وذكرت أن الوضع الائتماني في مصر حاليا، يعكس حاجة البلاد إلى التمويل، خاصة للحكومة المصرية.

 

 

 

فى هذا السياق كشف تقرير برلمانى أصدرته لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب برئاسة الدكتور حسين عيسى  حول " موقف الدين العام الخارجى لمصر  " أن الدين العام الخارجى لمصر يرتبط بعلاقة بالموازنة العامة للدولة كون أن الدين الخارجى الحكومى الذى تلتزم الخزانة العامة بسداده يعد أحد العناصر الأساسية لهذا الدين.

وكشف التقرير البرلمانى أن مديونية الحكومة تمثل الجزء الأكبر من الدين الخارجى بنسبة تصل إلى نحو ٥١٫٤٪ تليها المديونية المستحقة على البنك المركزى بنحو ٢٨٫٧٪ ثم كل من القطاعات الاقتصادية والبنوك بنسبة ١٣٫١٪، ٦٫٦٪ على التوالي.

وفيما يتعلق بأهم الدول والمنظمات الدائنة  حتى 30 يونيو 2018 " الديون وقتها كانت 92 مليار و64 مليون دولار " ، نشير إلى أن  فى مقدمتها مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية ب 28 مليار و42 مليون دولار ، تليها دول عربية " السعودية والأمارات والكويت " ب20 مليار و30 مليون دولار ثم ألمانيا ب 6 مليارات و98 مليون دولار تليها الصين ب 4 مليارات و28 مليون دولار  ثم اليابان ب 2 مليار و24 مليون دولار وبعدها فرنسا بمليار و66 مليون دولار ودول آخرى ب 28 مليارو18 مليون دولار .

 

وكشف عن استحواذ مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية على النصيب الأكبر من الدين الخارجى بنسبة ٣٠٫٦٪ يليها الدول الأخرى بنسبة ٣٠٫٤٪ يليها الدول العربية متمثلة فى السعودية والإمارات والكويت بنسبة ٢١٫٩٪ (تتضمن ودائع تبلغ إجماليها نحو ١٧٫٤ مليار دولار أمريكي) ثم تأتى دولة ألمانيا فى المرتبة الثالثة بنسبة ٧٫٥٪.

وحول هيكل الدين العام الخارجى لمصر وفقا لآجال  الاستحقاق ، كشف التقرير أن نسبة الديون الخارجية متوسطة وطويلة الأجل  بلغت نحو ٧٧٪ من إجمالى الدين بينما بلغت نسبة الديون قصيرة الأجل نحو ٢٣٪ (تنخفض إلى ٨٪ فى حالة تجديد المبالغ السابق الإشارة إليها.

أما وفقا لآجال السداد الأصلية فقد بلغت نسبة الديون الخارجية متوسطة وطويلة الأجل نحو ٨٧٪ من إجمالى الدين بينما بلغت نسبة الديون قصيرة الأجل نحو ١٣٪.

ووفقا لسعر الفائدة المطبق ، كشفت تقرير لجنة الخطة والموازنة أنه يطبق على ٥٧٪ من الدين الخارجى سعر فائدة ثابت بمتوسط مرجح يبلغ ٣٫٤٨٪.

بينما  يطبق على ٤٣٪ من الدين الخارجى سعر فائدة بمتوسط مرجح يبلغ ٢٫٣٨٪ . كما أن  متوسط سعر الفائدة المرجح لمحفظة الدين يبلغ نحو ٣٫٠١٪.

وكشف التقرير أنه وفقا لأدوات الدين تمثل القروض الجزء الأكبر من الدين الخارجى بنسبة تصل إلى ٥٦٪ تليها الودائع بنسبة ٢٣٪ بينما تمثل السندات نسبة ١٥٪ ثم كل من التسهيلات الائتمانية ومخصصات SOR بنسبة ٥٪ و١٪ على الترتيب.

وحول العملات الاقتراض الرئيسية ، يمثل الدولار الأمريكى العملة الرئيسية من عملات الاقتراض الخارجى بنسبة ٦٣٫٥١٪ يليه اليورو ثم وحدات حقوق السحب الخاصة بنسبة ١٥٫٠٥٪ و١١٫٣٦٪ لكل منهما على الترتيب فى حين تمثل باقى العملات نسبة ١٠٫٠٨٪.

 

وكشفت اللجة أنه اذا تم تطبيق معيار نسبة أعباء خدمة الدين الخارجى إلى حصيلة الصادرات السلعية الخدمية ، فإن نسبة خدمة أعباء الدين الخارجى إلى حصيلة الصادرات السلعية والخدمية تبلغ نحو ٢٨٫٧٪ وبالتالى تكون مصر قد تعدت الحدود الآمنة.

وأوضحت أن تعدى نسبة خدمة الدين إلى الصادرات من السلع والخدمات وكذا نسبة  الدين الخارجى إلى الصادرات من السلع الحدود الآمنة يستدعى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتوسيع القاعدة الإنتاجية وغيرها من الإجراءات الأخري.

 وطالبت اللجنة  التريث فى الاقتراض الخارجى بحيث يقتصر على تمويل الاحتياجات الاستراتيجية للبلاد مع مراعاة أن تكون التعاقدات الجديدة بشروط مالية ميسرة ولآجال سداد طويلة وفترات سماح مناسبة، حتى يمكن الاستمرار فى خدمة الالتزامات المتعلقة بهذه المديونية.

وكذلك دراسة آليات تحجيم المديونية الخارجية حتى تظل فى الحدود الآمنة، وأن تكون أعباء خدمتها فى نطاق القدرة على السداد.

وطالبت اللجنة بالحد من إصدار السندات الدولارية ذات التكلفة العالية مع ضرورة الاستخدام الأمثل لحصيلة السندات المصدرة بحيث لا يقتصر استخدامها على سد العجز فى الموازنة العامة للدولة وإنما يتم توجيهها إلى مشروعات استثمارية تدر عائد تمكنها من سداد الالتزامات المرتبة على إصدارها.

وكذلك  العمل على تقليل الديون قصيرة الأجل ذات التكلفة العالية مع إيجاد مصادر تمويلية تتسم بطول مدة السداد، وفترة السماح، وانخفاض سعر الفائدة.

وشددت اللجنة على ضرورة الاستفادة من العلاقات الدبلوماسية المصرية مع الدول الأوروبية فى استكمال تطبيق برامج مبادلة الديون على شرائح أخرى من الدين الخارجى كما حدث مع ألمانيا وإيطاليا سابقا والتوسع فى تطبيقه مع دول أخري، وذلك مع ضرورة التعاون والتنسيق بين الجهات المنفذة لاتفاقيات مبادلة الديون والعمل على سرعة تفعيل هذه الاتفاقيات.

وطالبت بالتفاوض مع الدول العربية الشقيقة لمحاولة مد آجال سداد ودائع تلك الدول أو محاول إبرام اتفاقيات لمبادلة تلك الودائع بحصص استراتيجية فى الشركات المزمع بيع جزء منها بغرض تخفيف أعباء الدين فى الأجل القصير.

 

 

لكل ذلك أوكد أننى أختلف مع من يقلل من خطورة قضية الدين العام بصفة عامة والديون الخارجية بصفة خاصة ، ومن يرون أن الوضع ما يزال فى الحدود الآمنة لأن هذا تصور خاطىء وقاصر ، حيث أن كل شيىء معرض للتغير فى ظل الأوضاع الملتهبة فى المنطقة والتى تنذر بحدوث حرب فى أى لحظة ، كما أن المؤامرات التى تقودها دول عدوة لمصر مثل تركيا وقطر وجماعات فى مقدمتها جماعة الإخوان الإرهابية تنذر بكوارث فى حال نجاح مخططات هذه الدول والجماعات .

واتصور أنه لو لم تكن القضية ذات خطورة بالغة  لما كلف الرئيس السيسى الحكومة مراراً وتكراراً بالحد من القروض والديون الخارجية ، ولما عقدت المجموعة الإقتصادية عدة إجتماعات – لدينا أرقامها وتواريخها -  لهذا الغرض للبحث عن حلول واقتراحات للتخفيف من أعباء وكوارث الدين العام والخارجى لمصر .

 

 

وهنا نطرح عدداً من التساؤلات التى قد تشغل أذهان الكثيرين ومنها :

متى ستقدم الحكومة خططتها الكاملة للتعامل مع كارثة الديون التى تتزايد يوماً بعد يوم ؟

وهل نتخلص من سياسة " التدوير " و" المسكنات " أى نقوم بسداد أقساط وأصول الديون الحالية فى مواعيد استحقاقها من خلال الحصول على قروض جديدة  بفوائد عالية وبشروط مجحفة من جانب الجهات والدول المانحة ؟

والسؤال الأهم : هل تقوم الحكومة بمحاولة التخفيف من أعباء الديون من خلال إعادة سياسة " الصب فى مصلحة المواطن " التى تأتى دائما بقرارات ونتائج ليست فى مصلحة المواطن ؟ وهل يتم فرض المزيد من الأعباء على المواطنين خلال المرحلة القادمة وهو ما ينذر بكوارث قد لاتحمد عقباها وفقا لتحذيرات تضمنتها تقارير أمنية وسيادية تم رفعها مؤخراً للرئيس السيسى ؟.

ولماذا لا يتم تشكيل لجنة برلمانية لتقصى الحقائق وتضمن فى عضويتها نواب من مجلس النواب إلى جانب عدد من الخبراء والمتخصصين وممثلى الجهات السيادية والرقابية  لبحث قضية الدين العام والخارجى من كافة جوانبها ومحاسبة المتسببين فى إهدار أو تعطيل الإستفادة  من أموال القروض الخارجية  ومعرفة خطة الحكومة الشاملة للتعامل مع هذه القضية ذات الأبعاد الكارثية اذا لم يتم الإسراع فى التصى لها والتعامل معها بشكل جاد وحاسم ؟!! .

 

والسؤال الأهم : هل يمكن أن يتحقق الحلم الأكبر للمواطن المصرى والذى سوف يتحقق عندما يتم رفع شعار " مصر بلا ديون " !!! .

 

 

 


مقالات مشتركة