
الإنسانية ليست درجة وظيفية، أو لقب أو لافتة، أو رتبة
، او نيشان يحصل عليه المسؤول - أي مسؤول وأيا كان اسمه وأيا كان موقعه - لأنه
يقوم بأداء واجبه الوظيفى مثلاً ، إنما هي
سمة من السمات الاساسية و مكون
رئيسي من مكونات الشخصية المتحققة على المستويين الذاتى و المهنى ، فهذه السمة او
الصفات المحيطة بها، لا تأتى عن طريق
التعلم من الدروس أو المحاضرات ،او انها
مكتسبة بفعل الاشفاق على البسطاء ، لذا يصبح من الصعب ، بل من الصعب جداً ، أن
يتحول معناها النبيل الي وصف مجانى عابر ، لا يتسق مع جوهر المعني ،وما يحويه من دلالات عميقة ، تتجاوز فى
مضمونها كل العبارات الانشائية .
الاستهلال مقصود في تلك المقالة ، فمصطلح الانسانية
يبرز بجلاء أمام القاصى و الدانى من دون
تزويق للقصد ، حين يطالع سيمفونية النجاح الاداري المُبهرة ، والمشحونة بقدر هائل
من الانسانية ، التى صارت مرادف موضوعى لاسم
الدكتور محمد عبد المعطي مدير
الصرح الطبى الأشهر والأهم فى مصر الآن ، وهو معهد الأورام القومي .
ان منظومة العمل التى يقودها ببراعة الدكتور عبدالمعطي
فى المعهد تؤكد المقولة الدارجة فى أدبيات المتفائلين "فيها حاجة حلوة" ،
فالرجل الذى تولى ادارة المعهد خلفاً لاسماء بارزة ولامعة ، استطاع خلال فترة
وجيزة جداً ، ان يحفر اسمه باقتدار بعلمه،
و بقدرته على ترجمة مفهوم "المسئولية الوطنية والاخلاقية "
فى قلوب المترددين للعلاج، او لاجراء الجراحات ، ما أضفى على الصرح الطبى
الشامخ مكانة تشى بالارتياح والثقة فى نفوس المواطنين .
الانسانية فى هذه الحالة ،ليست مستقلة بذاتها، أو
شاردة عن جواهر أخري لامعة متراصة فى
تشابك متين منها ، النبوغ العلمى ، والفهم الدقيق لأساليب الادارة الناجحة، والثقة
بالنفس، والرقى، والملكات الشخصية "الكاريزما"
، والأهم هو الايمان والقناعة بأن الطبيب ليس موظف ، انما يؤدى رسالة سامية ،
رسالة نبيلة ، وهل هناك اعظم من تطبيب الآلام؟
إن معهد الأورام، ليس مجرد بناية تابعة لوزارة الصحة ، وتعانى مثل بقية
المستشفيات المنتشرة فى بر مصر من الاهمال والفشل الادارى ، انما هو صرح طبي وتعليمي عملاق يؤدي الخدمة الطبية
والمتابعة المستمرة واجراء الفحوصات والعمليات .
ولذا فان النظرة الرسمية إليه تفوق غيره ، خاصة فى
اختيار القيادة المسؤولة ، ومن هذه الزاوية تحديداً ،يمكن لنا الحكم بموضوعية على الثقة فى شخص الدكتور محمد
عبدالمعطي ، الذى يتسم ،وفق شهادات كبار الأطباء فى مجال طب الاورام ، و شهادات تلاميذه وزملاءه ، والمترددين على
المعهد ، وقبلهم جميعاً ، المرافقون لحالات الطوارئ والمرضى ،
أن الرجل لا يدخر جهداً او وقتاً ، فى سبيل انقاذ المرضى ، وتذليل
الاجراءات امامهم ، والمتابعة الشخصية ،
خاصة
أن المعهد يقوم بعمل الجراحات و الخدمات الملحقة بالعملية .
ان حديثنا عن القيادات الوطنية المُشرفة لم يأت من
فراغ ، لذا فانه لن يتوقف، على الاقل من
جانبنا ، لا لكي يعى المتكاسلون ان
المواقع القيادية والمهمة لا تاتى مصادفة
، لكن تحكمها معايير مثل التى توافرت فى شخص عميد المعهد القومى للاورام ، لكى لكى يدرك الجميع ان النجاح ارادة
، والتفوق المهني والنبوغ العلمى مسؤولية
وطنية .