جريدة صوت الملايين
رئيس مجلس الادارة
سيد سعيد
نائب رئيس مجلس الإدارة
د. محمد أحمد صالح
رئيس التحرير
محمد طرابية

سيد سعيد يكتب   2025-08-25T01:44:25+03:00

انتخابات مجلس النواب المقبلة.. هل تنجح الأحزاب فى حشد ناخبين لمرشحيها ؟

سيد سعيد

وسط أجواء إقليمية مضطربة، وأوضاع سياسية تتباين فيها الآراء، وتتشكل فيها المواقف حسب المصالح المعلنة، أو غير المعلنة لكل دولة فيما يتعلق بأزمات المنطقة التى تتفاقم على مدار الساعة، وفى القلب منها جميعاً، القضية الفلسطينية، والكارثة الإنسانية التى يتعرض لها أبناء غزة، فى كل هذه الظروف، تبرز حزمة من الدلائل حول الأوضاع فى مصر، المحاطة بنيران مشتعلة من كل جانب، وسط تلك الأجواء المضطربة سياسيًا وأمنيًا، تستمر الدولة فى تنفيذ الاستحقاقات الدستورية، باعتبار أن الانتخابات النيابية إحدى ركائز تجسيد الإرادة الشعبية، التى تتشكل من خلالها السلطة التشريعية، التى ترسخ لاستقرار النظام السياسى، عبر تداول السلطة بالأساليب الديمقراطية، كما أن الانتخابات فى حد ذاتها، تساهم فى خلق التنوع الفكرى والسياسى والاجتماع.

فى منظومة الحياة العامة، حيث يمارس المواطنون حقهم فى اختيار ممثليهم.

إن إجراء الانتخابات فى ظل التوترات المحيطة، بمثابة رسالة واضحة للمجتمع الدولى والقوى المتربصة، باستقرار الجبهة الداخلية، وأن الدولة المصرية، قادرة على التعامل مع كل الملفات، بفضل التكاتف الشعبى واللحمة الوطنية.

وبالرغم من اللغط الذى صاحب انتخابات مجلس الشيوخ التى انتهت قبل أسبوعين، وما سوف تقود إليه تداعياتها من تأثير على انتخابات مجلس النواب المقبلة، والحديث عن العزوف وعدم جدوى المشاركة، وأن المال السياسى أصبح العنصر الأهم فى الاختيارات الفوقية، كوسيلة ناجزة للنفاذ نحو الوجاهة والحصانة، وما شابه ذلك من أحاديث ستظل علامة مسجلة فى كل الاستحقاقات، وإن كان لها تأثير سلبي على مستقبل الحياة السياسية برمتها، لكن ما يهمنا فى هذا المقام، ليس فقط الحديث الانتخابات سواء من نجح أو من فشل، إنما قدرة الدولة على المضى فى طريقها رغم كل الأحداث المحيطة بها، باعتبار أن الانتخابات والمنافسة وأن كانت شكلية، ستقلل من التجاوب مع الدعوات المحرضة على اللجوء إلى العنف ويحقق استقرار المجتمع.

لكن هل هناك من لديه القدرة على ترجمة ما سبق إلى واقع، لا أظن فى ظل إعلام عشوائى، لذا فإن المطلوب بالأساس التوجه نحو ترسيخ مفاهيم الوعى واتساع دوائر المعرفة عبر إعلام يرقى فى أدائه لمستوى المسؤولية الوطنية، وهناك دور مهم لا يمكن إغفاله للأحزاب السياسية، فقد أصبح عليها التزام قانونى، بتوعية المجتمع بالتوجه صوب ترسيخ المفاهيم الحزبية والهدف من قيام الأحزاب، وأهمية التنافس بين الأحزاب، بما يفيد المجتمع على المدى البعيد، وليس المحاصصة فيما بينها.

إن مفهوم التنافس بين الأحزاب أو الأفراد، لا بد وأن يكون بدون تدخلات فوقية لتحقيق مبدأ المساواة، وهنا لب المشكلة.

 وفى هذا السياق أن أكثر ما يلفت النظر فى الاستحقاق الذى جرى أو الاستحقاق المقبل، ذلك الغبار الكثيف الذى يغطى الأجواء باتهامات تناثرت هنا وهناك عن تدخلات فى الاختيار، وضمان صعود من جرى الاتفاق عليهم، والمقابل الذى دفعوه، جميعها، لو صحت، ستضرب فى مقتل أية أحاديث عن النزاهة والشفافية، وتكافؤ الفرص بين المرشحين والأحزاب ذاتها، فقد صاحبت عملية التحضير لها، كثير من اللغط، حول ما يجرى تداوله بتسعيرة الترشح على قائمة التحالف بين الأحزاب، والتى حددها مؤشر بورصة تداول الشائعات، من 10 ملايين جنيه إلى 50 مليون جنيه، ولا غرابة إن سمعت أنا أو أنت أو غيرنا من بقية خلق الله أرقامًا تفوق تلك الأرقام المثيرة للدهشة.

الأحاديث المتناثرة عن المبالغ المفزعة، من الضرورى أن تفتح الباب واسعًا أمام تدفق سيل من علامات الاستفهام، ليس فقط حول مدى صحتها من عدمه، أو دوافع الترويج لها بصورة لا تتسق مع مفهوم المسؤولية الوطنية، والتى من المفترض أن يتحلى بها كل من يتصدى للعمل العام، وسواء كانت تلك الأحاديث صحيحة أو غير صحيحة، فمن الناحيتين يرقى الأمر لمستوى الجريمة، التى تستوجب العقاب السياسى والجنائى، باعتبارها لا تليق بسمعة دولة تخطو نحو التطور والتقدم بوتيرة متسارعة.

Ahmed

 أصداء الحديث المتعلق بالمال السياسى انتقلت من أوساط المستبعدين من جنة القوائم إلى منصات السوشيال ميديا، عبر تغريدات، وبوستات على فيسبوك، وصولا إلى الفيديوهات على اليوتيوب، لذا لم يكن غريبًا أن يلتقط الإعلام المعادى كل تلك الاتهامات غير الموثقة حتى الآن، والتى لا تستند إلى أى دليل، يمكن التعويل عليه، أو الإمساك بخيوطه، وراحت تعزف على أوتار التشكيك فى سلامة الانتخابات المقبلة قبل أن تبدأ، للتحريض ضد نظام الحكم، وتوسيع مساحة الغضب ضد الدولة، بالرغم من درايتهم التامة، بأن الأمر برمته يخص الأحزاب والمرشحين.

هنا لابد من التوقف قليلاً.. الإعلام المعادى يؤدى دورًا وظيفيًا لن يتراجع عنه، وقطعًا سيبحث عن كل صغيرة وكبيرة، تمنحه فرصة العزف على أوتار التحريض، لكن هنا يقفز التساؤل الذى أرى أنه مهم، من الذى منح الفرصة للتشكيك فى الانتخابات؟ ولماذا لم تصدر أحزاب التحالف بيانًا تعلن فيه تحديها للافتراءات؟ ولماذا لا تتقدم ببلاغات ضد الاتهامات التى طالتها؟

 إلى جانب تلك التساؤلات وغيرها، تبقى المسؤولية ملقاة على عاتق الدولة قبل غيرها، حيث أصبحت هناك ضرورة ملحة لخطاب توعوى، كى لا تفقد الأجيال المستهدفة من قوى معادية، ثقتها فى كل ما يتعلق بالانتخابات النيابية التى تمثل أحد أهم أركان بناء المؤسسات الدستورية فى أى بلد، كما أن الضرورة تصبح أكثر الحاحًا لانتقاد الأحزاب السياسية، بهدف حثها على انتقاء مرشحيها، وفق معايير سياسية وأخلاقية وثقافية فضلاً عن التمتع بالشعبية، وجميعها تلائم التطور الحادث فى البلاد، وليس حسب الوجاهة المالية، التى تشير إلى أن المقاعد النيابية تباع فى مزاد وهذه كارثة لو تعلمون، لو ترسخت تلك المفاهيم فى أذهان الأجيال القادمة، خاصة أن الرأى العام تابع استبعاد بعض المتقدمين للأحزاب بطلبات الترشح، بما يعنى أن قبول الأحزاب لهم منذ البداية خاطئ ويثير الشكوك، حيث رأى الناس نقاط توزيع المال لأجل التصويت يومى الانتخابات بصورة علنية، وهذه مؤشرات تشى بالميل نحو تصديق أى اتهامات رغم عدم وجود أدلة تؤيدها، لكنها تتردد.

جانب آخر لا يمكن إغفاله، مفاده أن الحديث عن تسعيرة الترشح سواء على قائمة التحالف، أو تحت لافتة أحد الأحزاب الكبيرة، صارت له نغمة خاصة فى الشارع، حيث تدور تساؤلات مهمة، لا يمكن إغفالها وهى تخص بالأساس مرشحين محتملين أو طامحين للوصول إلى البرلمان فى انتخابات مجلس النواب المقبلة، أو الراغبين فى البقاء داخل البرواز ومنهم نواب حاليين، ماذا لو وجد ه‍ؤلاء أنفسهم خارج الاختيارات سواء على القائمة المرتقبة أو تحت لافتة حزبية؟.. هل سيعلنوا عن نزولهم؟ أم سيتفرغون لكيل الاتهامات يمينًا ويسارًا بما يعنى أنهم لا يتمتعون بأى قدر من المسئولية الوطنية، باعتبار أن هذه التصرفات لا تليق بمن يرغبون فى تمثيل الشعب، كما أن الادعاءات ستساهم شئنا أم أبينا فى تمزيق المجتمع، وفقدان الثقة فى العملية السياسية برمتها، ابتداء من السعى للترشح تحت لافتة أحد الأحزاب الكبيرة، عبر استخدام الوساطات وليس انتهاء بتقديم كل ما لديهم من إمكانيات لحشد الأنصار لدعم مرشحيهم، وبرزت تلك الصورة بمحاولات الحشد لانتخابات مجلس الشيوخ 2025، على طريقة تقديم السبت لانتظار الأحد.

هذا الأسلوب الفج من قبل الطامحين فى الحصانة، يوحى ضمناً للبسطاء، بأن مرشح الحزب يضمن مقعدًا فى مجلس النواب بفلوسه، بالضبط مثل مرشح القوائم التى لا توجد ضدها منافسة حقيقية، لذا فإن الأنصار يظلوا فى حالة ترقب لمعرفة مصير مرشحيهم فى دوائرهم، وفى المقابل اللامبالاة تسود الشرائح المجتمعية المختلفة، فالشعار الدفين داخل النفوس، هو العزوف على غرار ما جرى فى انتخابات الشيوخ، التى لم يصاحبها أى مظهر من مظاهر الانتخابات التى اعتاد عليها المصريون، فهل يستطيع المرشحون جذب الناخبين؟

وربما تكون القائمة هى التى فتحت المجال أمام الاتهامات، بالانتخابات البرلمانية المقبلة، ستكون عبارة عن 4 قوائم تضم 284 مرشحًا يمثلون 50% من إجمالى النواب الذين يبلغ عددهم 568 نائبًا منتخبون، وسوف يضاف اليهم 28 نائبًا بالتعيين، يصدر بشأنهم قرار من رئيس الجمهورية، بعد إعلان النتائج النهائية، وهؤلاء يمثلون 5% من عدد النواب، وهى النسبة التى حددها الدستور، إلى جانب 25% مقاعد للمرأة من بين المنتخبين على القوائم أو المقاعد الفردية.

 هناك ضرورة ملحة، بأن تكون الاختيارات من الأحزاب لائقة بالجمهورية الجديدة، وليس على أساس المال وحده، أو على أساس كوتة الأحزاب، وأقصد هنا التوافق بين الأحزاب الكبيرة على توزيع الحصص، وهذه كوتة لو تعلمون، ومطلوب تبديد كل المفاهيم التى ارتبطت بالمال، لأن هذا يعنى أن من لا يملك المال، لا قيمة لمشروعه السياسى، أو طموحه المشروع فى تولى موقع نيابى، خاصة أن الأرقام المتداولة حول سعر قبول المرشح مرعبة.


مقالات مشتركة